عن أبي عمرو بن حماس عن أبيه قال: كنت أبيع الادم والجعاب (١) فمر بي عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: أد صدقه مالك، فقلت يا أمير المؤمنين، إنما هو الادم.
قال: قومه، ثم أخرج صدقته.
قال في المغني وهذه قصة يشتهر مثلها، ولم تنكر، فيكون إجماعا.
وقالت الظاهرية: لا زكاة في مال التجارة.
قال ابن رشد: والسبب في اختلافهم في وجوب الزكاة بالقياس.
واختلافهم في تصحيح حديث سمرة، وحديث أبي ذر.
أما القياس الذي اعتمده الجمهور، فهو أن العروض المتخذة للتجارة مال مقصود به التنمية، فأشبه الاجناس الثلاثة التي فيها الزكاة باتفاق - أعني الحرث، والماشية، والذهب، والفضة.
وفي المنار: جمهور علماء الملة يقولون بوجوب زكاة عروض التجارة، وليس فيها نص قطعي من الكتاب أو السنة وإنما ورد فيها روايات، يقوي بعضها بعضا، مع الاعتبار المستند إلى النصوص، وهو أن عروض التجارة المتداولة للاستغلال نقود، لا فرق بينها وبين الدراهم والدنانير التي هي أثمانها إلا في كون النصاب يتقلب ويتردد بين الثمن وهو النقد، والمثمن وهو العروض، فلو لم تجب الزكاة في التجارة لامكن لجميع الاغنياء، أو أكثرهم أن يتجروا بنقودهم، ويتحروا أن لا يحول على نصاب من النقدين أبدا، وبذلك تبطل الزكاة فيهما عندهم.
ورأس الاعتبار في المسألة: أن الله تعالى فرض في أموال الاغنياء صدقة لمواساة الفقراء ومن في معناهم، وإقامة المصالح العامة، وأن الفائدة في ذلك للاغنياء، تطهير أنفسهم من رذيلة البخل، وتزكيتها بفضائل الرحمة بالفقراء وسائر أصناف المستحقين، ومساعدة الدولة والامة في إقامة المصالح العامة، والفائدة للفقراء وغيرهم، إعانتهم على نوائب الدهر، مع ما في ذلك من سد ذريعة المفاسد، في تضخم الاموال، وحصرها في أناس معدودين، وهو المشار إليه بقوله تعالى في حكمة قسمة الفئ (كي لا يكون دولة بين