للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يوم القيامة، ويعذبهم عليه (١) ".

وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه قال: " في مالك حق سوى الزكاة ".

وعن عائشة أم المؤمنين، والحسن بن علي، وابن عمر رضي الله عنهم، أنهم قالوا كلهم لمن سألهم: " إن كنت تسأل في دم موجع، أو غرم مفظع، أو فقر مدقع، فقد وجب حقك ".

وصح عن أبي عبيدة بن الجراح وثلثمائة من الصحابة رضي الله عنهم أن زادهم فني، فأمرهم أبو عبيدة.

فجمعوا أزوادهم في مزودين، وجعل يقوتهم إياها على السواء.

فهذا إجماع مقطوع به من الصحابة رضي الله عنهم، ولا مخالف لهم منهم.

وصح عن الشعبي، ومجاهد، وطاوس، وغيرهم، كلهم يقول: في المال حق، سوى الزكاة. ثم قال: ولا يحل لمسلم اضطر أن يأكل ميتة، أو لحم خنزير وهو يجد طعاما، فيه فضل عن صاحبه لمسلم، أو لذمي، لانه يجب فرضا على صاحب الطعام إطعام الجائع. فإذا كان ذلك كذلك فليس بمضطر إلى الميتة، ولا إلى لحم الخنزير، وله أن يقاتل على ذلك، فإن قتل، فعلى قاتله القود (٢) ، وإن قتل المانع فإلى لعنة الله، لانه منع حقا، وهو من الطائفة الباغية، قال تعالى: " فإن بغت إحداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله ".

ومانع الحق باغ على أخيه، الذي له الحق. وبهذا قاتل أبو بكر الصديق رضي الله عنه، مانع الزكاة. وبالله تعالى التوفيق. انتهى

وإنما سردنا هذه النصوص، وأكثرنا القول في هذه المسألة لنبين مدى ما في الاسلام من رحمة، وحنان، وأنه سبق المذاهب الحديثة سبقا بعيدا، وأنها في جانبه كالشمعة المضطربة أمام الضوء الباهر، والشمس الهادية.


(١) تقدم الحديث في أول الكتاب مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
(٢) " فعلى قاتله القود " أي يقتل به.

<<  <  ج: ص:  >  >>