للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه، والفطر أفضل لمن لا يقوى على الصيام.

وقال أحمد: الفطر أفضل.

وقال عمر بن عبد العزيز: أفضلهما أيسرهما، فمن يسهل عليه حينئذ، ويشق عليه قضاؤه بعد ذلك، فالصوم في حقه أفضل.

وحقق الشوكاني، فرأى أن من كان يشق عليه الصوم، ويضره، وكذلك من كان معرضا عن قبول الرخصة، فالفطر أفضل وكذلك من خاف على نفسه العجب أو الرياء - إذا صام في السفر - فالفطر في حقه أفضل.

وما كان من الصيام خاليا عن هذه الامور، فهو أفضل من الافطار.

وإذا نوى المسافر الصيام بالليل، وشرع فيه، جاز له الفطر أثناء النهار.

فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى مكة عام الفتح فصام حتى بلغ كراع الغميم (١) ، وصام الناس معه، فقيل له: إن الناس قد شق عليهم الصيام، وإن الناس ينظرون فيما فعلت، فدعا بقدح من ماء بعد العصر، فشرب، والناس ينظرون إليه، فأفطر بعضهم وصام بعضهم، فبلغه: أن ناسا صاموا، فقال: " أولئك العصاة " (٢) رواه مسلم والنسائي، والترمذي وصححه.

وإذا ما نوى الصوم - وهو مقيم - ثم سافر في أثناء النهار فقد ذهب جمهور العلماء إلى عدم جواز الفطر له، وأجازه أحمد وإسحاق.

لما رواه الترمذي - وحسنه - عن محمد بن كعب قال: أتيت في رمضان أنس بن مالك، وهو يريد سفرا، وقد رحلت له راحلته، ولبس ثياب السفر، فدعا بطعام فأكل فقلت له: سنة؟ فقال: سنة، ثم ركب (٣) .

وعن عبيد بن جبير قال: ركبت مع أبي بصرة الغفاري في سفينة من الفسطاط (٤) في رمضان، فدفع، ثم قرب غداءه ثم قال: اقترب، فقلت


(١) " الغميم " اسم واد أمام عسفان.
(٢) لانه عزم عليهم، فأبوا، وخالفوا الرخصة.
(٣) في سنده عبيد بن جعفر وهو ضعيف.
(٤) " الفسطاط ": مصر القديمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>