للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(٤) زمانه: الاعتكاف الواجب يؤدى حسب ما نذره وسماه الناذر، فإن نذر

الاعتكاف يوما أو أكثر وجب الوفاء بما نذره.

والاعتكاف المستحب ليس له وقت محدد، فهو يتحقق بالمكث في المسجد مع نية الاعتكاف طال الوقت أم قصر.

ويثاب ما بقي في المسجد، فإذا خرج منه ثم عاد إليه جدد النية إن قصد الاعتكاف، فعن يعلى بن أمية قال: إني لامكث في المسجد ساعة ما أمكث إلا لاعتكف.

وقال عطاء: هو اعتكاف ما مكث فيه، وإن جلس في المسجد احتساب الخير فهو معتكف. وإلا فلا.

وللمعتكف أن يقطع اعتكافه المستحب متى شاء، قبل قضاء المدة التي نواها.

فعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه.

وأنه أراد مرة أن يعتكف في العشر الاواخر من رمضان فأمر ببنائه (١) فضرب.

قالت عائشة: فلما رأيت ذلك أمرت ببنائي فضرب، وأمر غيري من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ببنائه فضرب.

فلما صلى الفجر نظر إلى الابنية، فقال: ما هذه؟ " آلبرتردن " (٢) قالت: فأمر ببنائه فقوض (٣) ، وأمر أزواجه بأبنيتهن فقوضت ثم أخر الاعتكاف إلى العشر الاول " يعني من شوال " فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه بتقويض أبنيتهن وترك الاعتكاف بعد نيته منهن دليل على قطعه بعد الشروع فيه.

وفي الحديث أن للرجل أن يمنع زوجته من الاعتكاف


(١) في هذا دليل على جواز اتخاذ المعتكف لنفسه موضعا من المسجد ينفرد فيه مدة اعتكافه ما لم يضيق على الناس، وإذا اتخذه يكون في آخر المسجد ورحابه لئلا يضيق على غيره وليكون أخلى له وأكمل لانفراده.
(٢) " البر " الطاعة، في شرح مسلم سبب إنكاره أنه خاف أن يكن غير مخلصات في الاعتكاف بل أردن القرب منه لغيرتهن عليه أو غيرته عليهن فكره ملازمتهن المسجد مع أنه يجمع الناس ويحضره الاعراب والمنافقون. وهن محتاجات إلى الخروج والدخول لما يعرض لهن فيبتذلن بذلك. أو لانه صلى الله عليه وسلم رآهن عنده في المسجد وهو في المسجد فصار كأنه في منزله بحضوره مع أزواجه وذهب المهم من مقصود الاعتكاف، وهو التخلي عن الازواج ومتعلقات الدنيا وشبه ذلك، أو لانهن ضيقن المسجد بأبنيتهن. انتهى.
(٣) أزيل وهدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>