للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تلفته عنه نوازع الهوى، ولادوافع الشهوة، ومن ثم عظم أمر الذكر،

وجل خطره في حياة الانسان، ومن غير المعقول أن تتحقق هذه النتائج بمجرد لفظ يلفظه اللسان، فإن حركة اللسان قليلة الجدوى ما لم تكن مواطئة للقلب، وموافقة له، وقد أرشد الله إلى الادب الذي ينبغي أن يكون عليه المرء أثناء الذكر.

فقال: (واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغد والآصال، ولا تكن من الغافلين.

) والآية تشير إلى أنه يستحب أن يكون الذكر سرا، لا ترتفع به الاصوات، وقد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من الناس رفعوا أصواتهم بالدعاء في بعض الاسفار، فقال: " يا أيها الناس أربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، إن الذي تدعونه سميع قريب، أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته ".

كما تشير إلى حالة الرغبة والرهبة التي يحسن بالانسان أن يتصف بها عند الذكر.

ومن الادب أن يكون الذاكر نظيف الثوب طاهر البدن طيب الرائحة، فإن ذلك مما يزيد النفس نشاطا، ويستقبل القبلة ما أمكن، فإن خير المجالس ما استقبل به القبلة.

استحباب الاجتماع في مجالس الذكر يستحب الجلوس في حلق الذكر.

وقد جاء في ذلك ما يأتي: ١ - عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا " قالوا: وما رياض الجنة يا رسول الله؟ قال: " حلق الذكر، فإن لله تعالى سيارات من الملائكة يطلبون حلق الذكر.

فإذا أتوا عليهم حفوا بهم ".

٢ - وروى مسلم عن معاوية أنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على حلقة من أصحابه فقال: " ما أجلسكم؟ " قالوا جلسنا نذكر الله

تعالى ونحمده على ما هدانا للاسلام ومن به علينا.

قال: " الله.

ما أجلسكم إلا ذاك، أما إني لم استحلفكم تهمة لكم، ولكنه أتاني فأخبرني أن الله تعالى يباهي بكم الملائكة ".

<<  <  ج: ص:  >  >>