للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن خطر لك: أن الشيطان عرض له وشاهده فلذلك رماه، وأما أنا فليس يعرض لي الشيطان.

فاعلم أن هذا الخاطر من الشيطان، وأنه هو الذي ألقاه في قلبك ليفتر عزمك في الرمي.

ويخيل إليك أنه لا فائدة فيه، وأنه يضاهي اللعب فلم تشتغل به؟ فاطرده عن نفسك بالجد والتشمير والرمي، فبذلك ترغم أنف الشيطان.

واعلم أنك في الظاهر ترمي الحصى في العقبة، وفي الحقيقة ترمى به وجه الشيطان وتقصم به ظهره.

إذا لا يحصل إرغام أنفه إلا بامتثالك أمر الله سبحانه وتعالى تعظيما له بمجرد الامر من غير حظ للنفس فيه.

حكمه: ذهب جمهور العلماء: إلى أن رمي الجمار واجب، وليس بركن، وأن تركه يجبر بدم.

لما رواه أحمد ومسلم، والنسائي، عن جابر رضي الله عنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرمي الجمرة على راحلته يوم النحر، ويقول: " لتأخذوا عني مناسككم، فإني لاأدرى لعلي لا أحج بعد حجتي هذه ".

وعن عبد الرحمن التيمي قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نرمي الجمار بمثل حصى الحذف (١) في حجة الوداع.

رواه الطبراني في الكبير بسند، ورجاله رجال الصحيح.

قدر كم تكون الحصاة، وما جنسها؟ في الحديث المتقدم: أن الحصى الذي يرمى به مثل حصى الحذف.

ولهذا ذهب أهل العلم إلى استحباب ذلك.

فإن تجاوزه ورمى بحجر كبير فقد قال الجمهور: يجزئه ويكره.

وقال أحمد: لا يجزئه حتى يأتي بالحصى، على ما فعل النبي صلى الله


(١) " الحذف "، الرمي.
والمراد هنا الرمي بالحصى الصغار مثل حب الباقلاء، وهو الفول.
قال الاثرم: يكون أكبر من الحمص، ودون البندق.

<<  <  ج: ص:  >  >>