للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - ولانه شرط لها فيه منفعة ومقصود، لا يمنع المقصود من الزواج فكان لازما كما لو شرطت عليه زيادة المهر.

قال ابن قدامة مرجحا هذا الرأي ومفندا الرأي الاول: ان قول من سمينا من الصحابة، لا نعلم له مخالفا في عصرهم، فكان اجماعا.

وقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (كل شرط ... الخ) .

أي ليس في حكم الله وشرعه، وهذا مشروع، وقد ذكرنا ما دل على مشروعيته، على أن الخلاف في مشروعيته، ومن نفى ذلك فعليه الدليل.

وقولهم: إن هذا يحرم الحلال، قلنا: لا يحرم حلالا، وانما يثبت للمرأة خيار الفسخ ان لم يف لها به.

وقولهم: ليس من مصلحته، قلنا: لا نسلم بذلك.

فانه من مصلحة المرأة، وما كان من مصلحد العاقد كان من مصلحة عقده.

وقال ابن رشد (١) : وسبب اختلافهم معارضة العموم للخصوص، فأما العموم فحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال في خطبته: (كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، ولو كان مائة شرط) .

وأما الخصوص، فحديث عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج) .

والحديثان صحيحان، خرجهما البخاري ومسلم.

إلا أن المشهور عند الاصوليين القضاء بالخصوص على العموم، وهو (لزوم الشروط) .

وقال ابن تيمية (٢) : ومقاصد العقلاء إذا دخلت في العقود، وكانت من الصلاح الذي هو المقصود لم تذهب عفوا ولم تهدر رأسا، كالاجال في الاعواض، ونقود الاثمان المعينة ببعض البلدان، والصفات في المبيعات، والحرفة المشروطة في أحد الزوجين.

وقد تفيد الشروط ما لا يفيده الاطلاق، بل ما يخالف الاطلاق.


(١) بداية المجتهد ج ٢ ص ٥٥.
(٢) نظرية العقد ص ٢١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>