(ثانيا) وعن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل) رواه الدارقطني.
وهذا النفي يتوجه الى الصحة، وذلك يستلزم أن يكون الاشهاد شرطا، لانه قد استلزم عدمه عدم الصحة، وما كان كذلك فهو شرط.
(ثالثا) وعن أبي الزبير المكي أن عمر بن الخطاب أتي بنكاح لم يشهد عليه إلا رجل وامرأة.
فقال: (هذا نكاح السر، ولا أجيزه، ولو كنت تقدمت فيه لرجمت) . رواه مالك في الموطأ.
والاحاديث وإن كانت ضعيفة الا أنه يقوي بعضها بعضا.
قال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من التابعين وغيرهم، قالوا: (لا نكاح إلا بشهود) لم يختلف في ذلك من مضى منهم إلا قوم من المتأخرين من أهل العلم.
(رابعا) ولانه يتعلق به حق غير المتعاقدين، وهو الولد، فاشترطت الشهادة فيه، لئلا يجحده أبوه فيضيع نسبه.
ويرى بعض أهل العلم أنه يصح بغير شهود: منهم الشيعة، وعبد الرحمن ابن مهدي، ويزيد بن هارون، وابن المنذر، وداود، وفعله ابن عمر، وابن الزبير.
وروي عن الحسن بن علي أنه تزوج بغير شهادة، ثم أعلن النكاح.
قال ابن المنذر: لا يثبت في الشاهدين في النكاح خبر.
وقال يزيد بن هارون: أمر الله تعالى بالاشهاد في البيع دون النكاح، فاشترط أصحاب الرأي الشهادة للنكاح، ولم يشترطوها للبيع.
وإذا تم العقد فأسروه وتواصوا بكتمانه صح مع الكراهة، لمخالفته الامر بالاعلان، وإليه ذهب الشافعي، وأبو حنيفة، وابن المنذر.
وممن كره ذلك عمر، وعروة، والشعبي، ونافع. وعند مالك أن العقد يفسخ.
روى ابن وهب عن مالك في الرجل يتزوج المرأة بشهادة رجلين ويستكتمهما؟ قال يفرق بينهما بتطليقة، ولا يجوز النكاح، ولها صداقها إن أصابها، ولا يعاقب الشاهدان.