للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رضاع الكبير:

وعلى هذا فرضاع الكبير لا يحرم في رأي جماهير العلماء للادلة المتقدمة.

وذهبت طائفة من السلف والخلف إلى أنه يحرم - ولو أنه شيخ كبير - كما يحرم رضاع الصغير، وهو رأي عائشة رضي الله عنها.

ويروى عن علي كرم الله وجهه، وعروة بن الزبير، وعطاء بن أبي رباح وهو قول الليث ابن سعد، وابن حزم، واستدلوا على ذلك بما رواه مالك عن ابن شهاب أنه سئل عن رضاع الكبير فقال: أخبرني عروة بن الزبير بحديث: " أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم سهلة بنت سهيل برضاع سالم ففعلت، وكانت تراه ابنا لها ".

قال عروة: فأخذت بذلك عائشة أم المؤمنين رضيا لله عنها، فيمن كانت تحت أن يدخل عليها من الرجال.

فكانت تأمر أختها أم كلثوم وبنات أخيها أن يرضعن من أحبت أن يدخل عليها من الرجال.

وروى مالك، وأحمد: أن أبا حذيفة تبنى (١) سالما.

وهو مولى لامرأة من الانصار، كما تبنى النبي صلى الله عليه وسلم زيدا.

وكان من تبنى رجلا في الجاهلية دعاه الناس ابنه وورث من ميراثه، حتى أنزل الله عز وجل ": ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم ".

فردوا الى آبائهم. فمن لم يعلم له أب، فمولى وأخ في الدين، فجاء، سهلة.

فقالت: يارسول الله كنا نرى سالما ولدا يأوي معي ومع أبي حذيفة، ويراني فضلا (٢) ، وقد أنزل الله عز وجل فيهم ما قد علمت.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أرضعيه خمس رضعات "، فكان بمنزلة ولده من الرضاعة.

وعن زينب بنت أم سلمة رضي الله عنها قالت: قالت أم سلمة لعائشة رضي الله عنها.

" انه يدخل عليك الغلام الايفغ الذي ما أحب أن يدخل علي "


(١) تبنى: اتخذه ابنا له.
(٢) فضلا: يعني متبذلة في ثياب المهنة أو في ثوب واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>