للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال عمر: لقد هممت ألا أدع أحدا أصاب فاحشة في الاسلام أن يتزوج محصنة.

فقال له أبي بن كعب: يا أمير المؤمنين، الشرك أعظم من ذلك، وقد يقبل منه إذا تاب.

ويرى أحمد أن توبة المرأة تعرف بأن تراود عن لفسها، فان أجابت، فتوبتها غير صحيحة، وان امتنعت فتوبتها صحيحة.

وقد تابع في ذلك ما روي عن ابن عمر.

ولكن أصحابه قالوا (١) : لا ينبغي لمسلم أن يدعو امرأة إلى الزنا ويطلبه منها.

لان طلبه ذلك منها يكون في خلوة، ولا تحل الخلوة بأجنبية، ولو كان في تعليمها القرآن، فكيف يحل في مراودتها على الزنا؟.

ثم لا يأمن إن أجابته الى ذلك أن تعود الى المعصية، فلا يحل التعرض لمثل هذا.

لان التوبة من سائر الذنوب، وفي حق سائر الناس، وبالنسبة إلى سائر الاحكام على غير هذا الوجه، فكذلك يكون هذا.

وإلى هذا (٢) ذهب الامام أحمد، وابن حزم، ورجحه ابن تيمية وابن القيم.

إلا أن الامام أحمد ضم الى التوبة شرطا آخر، وهو انقضاء العدة.

فمتى تزوجها قبل التوبة أو انقضاء عدتها، كان الزواج فاسدا ويفرق بينهما.

وهل عدتها ثلاث حيض، أو حيضة؟.

روايتان عنه.

ومذهب الحنفية، والشافعية، والمالكية، أنه يجوز للزاني أن يتزوج الزانية، والزانية يجوز لها أن تتزوج الزاني، فالزنا لايمنع عندهم صحة العقد.

قال ابن رشد: وسبب اختلافهم في مفهوم قوله تعالى: " والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين ".

هل خرج مخرج الذم أو مخرج التحريم؟ وهل الاشارة في قوله تعالى: " وحرم ذلك على المؤمنين " الى الزنا أو النكاح؟.


(١) المغني لابن قدامة.
(٢) اي الى أنه لا يحل زواج الزانية أو الزاني قبل التوبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>