قال الشافعي: وقد دلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم المبينة عن الله أنه لا يجوز لاحد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجمع بين أكثر من أربع نسوة.
وهذا الذي قاله الشافعي مجمع عليه بين العلماء، إلا ما حكي عن طائفة من الشيعة أنه يجوز الجمع بين أكثر من أربع نسوة، وقال بعضهم بلا حصر.
وقد يتمسك بعضهم بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في جمعه بين أكثر من أربع إلى تسع كما ثبت في الصحيح.
وقد رد الامام القرطبي على هؤلاء فقال: اعلم أن هذا العدد " مثنى " و " ثلاث " و " رباغ " لا يدل على إباحة تسع كما قاله من بعد فهمه للكتاب والسنة، وأعرض عما كان عليه سلف هذه الامة، وزعم أن الواو جامعة.
وعضد ذلك بأن النبي نكح تسعا، وجمع بينهن في عصمته، والذي صار إلى هذه الجهالة، وقال هذه المقالة، الرافضة وبعض أهل الظاهر، فجعلوا " مثنى " مثل اثنين اثنين. وكذلك ثلاث، ورباع.
وذهب بعض أهل الظاهر أيضا إلى أقبح منها، فقالوا بإباحة الجمع بين ثماني عشرة تمسكا منه بأن العدد في تلك الصيغ يفيد التكرار، والواو للجمع. فجعل مثنى بمعنى اثنين اثنين، وكذلك ثلاث ورباع.
وهذا كله جهل باللسان (١) والسنة، ومخالفة لاجماع الامة، إذ لم يسمع عن أحد من الصحابة ولا التابعين أنه جمع في عصمته أكثر من أربع.
وأخرج مالك في الموطأ، والنسائي، والدارقطني، في سننها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لغيلان بن أمية الثقفي وقد أسلم وتحته عشر نسوة:" اختر منهن أربعا، وفارق سائرهن ".
وفي كتاب أبي داود عن الحارث بن قيس قال: أسلمت وعندي ثمان نسوة، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:" اختر منهن أربعا ".
وقال مقاتل: ان قيس بن الحارث كان عنده ثماني نسوة حرائر، فلما