فيباح التحديد في حالة ما إذا كان الرجل معيلا (١) لايستطيع القيام على تربية أبنائه التربية الصحيحة.
وكذلك إذا كانت المرأة ضعيفة، أو كانت موصولة الحمل، أو كان الرجل فقيرا.
ففي مثل هذه الحالات يباح تحديد النسل بل إن بعض العلماء رأى أن التحديد في هذه الحالات لا يكون مباحا فقط، بل يكون مندوبا إليه.
وألحق الامام الغزالي بهذه الحالات حالة ما إذا خافت المرأة على جمالها، فمن حق الزوجين في هذه الحالة أن يمنعا النسل.
بل ذهب كثير من أهل العلم إلى إباحته مطلقا واستدلوا لمذهبهم بما يأتي:
١ - روى البخاري ومسلم عن جابر قال: كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل.
٢ - وروى مسلم عنه قال: كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينهنا.
وقال الشافعي رحمه الله: ونحن نروي عن عدد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم رخصوا في ذلك ولم يروا به بأسا.
وقال البيهقي: وقد روينا الرخصة فيه عن سعد بن أبي وقاص، وأبي أيوب الانصاري، وزيد بن ثابت، وابن عباس، وغيرهم.
وهو مذهب مالك والشافعي وقد اتفق عمر وعلي رضي الله عنهما على أنها لا تكون موؤودة حتى تمر عليها التارات السبع.
فروى القاضي أبو يعلى وغيره بإسناده عن عبيد بن رفاعة عن أبيه قال: جلس إلى عمر علي والزبير وسعد رضي الله عنهم في نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتذاكروا العزل.
فقالوا لا بأس به.
فقال رجل: إنهم يزعمون أنها الموؤودة الصغرى.
فقال على رضي الله عنه: لا تكون موؤودة حتى تمر عليها التارات السبع، حتى تكون من سلالة من طين، ثم تكون نطفة، ثم تكون علقة ثم تكون مضغة.
ثم تكون عظاما ثم تكون لحما ثم تكون خلقا آخر، فقال عمر رضي الله عنه: صدقت أطال الله بقاءك.
(١) المعيل: كثير العيال