والحياة، وهي تسير سيرها الطبيعي، لا يمكن أن ترجع إلى الوراء، إلا إذا حدثت لها نكسة تبدل آراءها، وتغير أفكارها، وتجعلها تعود القهقرى ناسية أو متناسية مكأسبها الحضارية ورقيها الانساني.
وإذا كان اتخاذ الملابس لازما من لوازم الانسان الراقي، فإنه بالنسبة للمرأة ألزم، لانه هو الحفاظ الذي يحفظ عليها دينها وشرفها وعفافها وحياءها.
وهذه الصفات ألصق بالمرأة، وأولى بها من الرجل، ومن ثم كانت الحشمة أولى بها وأحق.
إن أعز ما تملكه المرأة، الشرف، والحياء، والعفاف، والمحافظة على هذه الفضائل محافظة على إنسانية المرأة في أسمى صورها، وليس من صالح المرأة، ولا من صالح المجتمع أن تتخلى المرأة عن الصيانة والاحتشام.
ولا سيما وأن الغريزة الجنسية هي أعنف الغرائز وأشدها على الاطلاق.
والتبذل مثير لهذه الغريزة ومطلق لها من عقالها.
ووضع الحدود والقيود والسدود أمامها مما يخفف من حدتها ويطفئ من جذوتها ويهذبها تهذيبا جديرا بالانسان وكرامته، ومن أجل هذا عني الاسلام عناية خاصة بملابس المرأة، وتناول القرآن ملابس المرأة مفصلا لحدودها، على غير عادة القرآن في تناوله المسائل الجزئية بالتفصيل، فهو يقول:" يا أيها النبي قل لازواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن، ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين (١) ".
وتوجيه الخطاب إلى نساء النبي وبناته ونساء المؤمنين دليل على أن جميع النساء مطالبات بتنفيذ هذا الامر، دون استثناء واحدة منهن، مهما بلغت من الطهر، ولو كانت في طهارة بنات النبي عليه الصلاة والسلام وطهارة نسائه.
ويولي القرآن هذا الامر عناية بالغة ويفصل ذلك تفصيلا، فيبين ما يحل كشفه وما يجب ستره، فيقول: " وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن، ولا يبدين زينتهن، إلا ما ظهر