وَحَاصِلُ هَذَا الْقِسْمِ يَرْجِعُ إِلَى عَدَمِ التَّأْثِيرِ فِي الْوَصْفِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ إِنْ كَانَ طَرْدِيًّا، أَوْ إِلَى سُؤَالِ الْإِلْغَاءِ إِنْ كَانَ مُؤَثِّرًا.
الرَّابِعُ: عَدَمُ التَّأْثِيرِ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْوَصْفُ الْمَذْكُورُ فِي الدَّلِيلِ لَا يَطَّرِدُ فِي جَمِيعِ صُوَرِ النِّزَاعِ وَإِنْ كَانَ مُنَاسِبًا.
وَذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَ الْمُسْتَدِلُّ فِي مَسْأَلَةِ وِلَايَةِ الْمَرْأَةِ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ فَلَا يَصِحُّ نِكَاحُهَا، وَذَلِكَ مِنْ حَيْثُ إِنَّ النِّزَاعَ وَقَعَ فِيمَا إِذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنَ الْكُفْءِ وَغَيْرِ الْكُفْءِ.
وَهَذَا أَيْضًا مِمَّا اخْتُلِفَ فِي قَبُولِهِ، فَرَدَّهُ قَوْمٌ مَصِيرًا مِنْهُمْ إِلَى مَنْعِ جَوَازِ الْفَرْضِ فِي الدَّلِيلِ، وَقَبِلَهُ مَنْ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ عَلَى مَا عَرَفْنَاهُ فِي كِتَابِ الْجَدَلِ.
وَإِذَا بَطَلَ الْقِسْمُ الرَّابِعُ، وَهُوَ عَدَمُ التَّأْثِيرِ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ وَرَجَعَ حَاصِلُ الْقِسْمِ الثَّالِثِ، وَهُوَ عَدَمُ التَّأْثِيرِ فِي الْحُكْمِ إِلَى عَدَمِ التَّأْثِيرِ فِي الْوَصْفِ أَوِ الْإِلْغَاءِ، فَلَمْ يَبْقَ غَيْرُ عَدَمِ التَّأْثِيرِ فِي الْوَصْفِ وَعَدَمِ التَّأْثِيرِ فِي الْأَصْلِ، وَعَدَمُ التَّأْثِيرِ فِي الْوَصْفِ رَاجِعٌ إِلَى بَيَانِ انْتِفَاءِ مُنَاسَبَةِ الْوَصْفِ، وَسُؤَالُ الْمُطَالَبَةِ يُغْنِي عَنْهُ، وَجَوَابُهُ جَوَابُهُ فَلَا يَجْتَمِعَانِ، وَعَدَمُ التَّأْثِيرِ فِي الْأَصْلِ، فَحَاصِلُهُ يَرْجِعُ إِلَى الْمُعَارَضَةِ فِي الْأَصْلِ لَا أَنَّهُ غَيْرُهُ، وَجَوَابُهُ كَمَا يَأْتِي.
وَمَعَ ذَلِكَ كُلِّهِ فَقَدْ يَكُونُ أَخْذُ الْوَصْفِ الَّذِي لَا يُنَاسِبُ الْحُكْمَ فِي الدَّلِيلِ مُفِيدًا، بِأَنْ يَكُونَ مُشِيرًا إِلَى نَفْيِ الْمَانِعِ الْمَوْجُودِ فِي صُورَةِ النَّقْضِ أَوْ وُجُودِ الشَّرْطِ الْفَائِتِ فِيهَا لِقَصْدٍ، أَوْ مُشِيرًا إِلَى قَصْدِ الْفَرْضِ فِي الدَّلِيلِ فِي بَعْضِ صُوَرِ النِّزَاعِ، كَمَا ذُكِرَ مِنْ مِثَالِ أَخْذِ الْإِتْلَافِ فِي دَارِ الْحَرْبِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُرْتَدِّينَ، وَلَا يَكُونُ عَدِيمَ التَّأْثِيرِ؛ إِذْ هُوَ غَيْرُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ فِي إِثْبَاتِ الْحُكْمِ إِمَّا لِقَصْدِ دَفْعِ النَّقْصِ أَوْ لِقَصْدِ الْفَرْضِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute