[الِاعْتِرَاضُ الثَّامِنُ سُؤَالُ عَدَمِ التَّأْثِيرِ]
وَهُوَ إِبْدَاءُ وَصْفٍ فِي الدَّلِيلِ مُسْتَغْنًى عَنْهُ فِي إِثْبَاتِ الْحُكْمِ أَوْ نَفْيِهِ، وَقَدْ قَسَّمَهُ الْجَدَلِيُّونَ أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ:
الْأَوَّلُ: عَدَمُ التَّأْثِيرِ فِي الْوَصْفِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ الْوَصْفُ الْمَأْخُوذُ فِي الدَّلِيلِ طَرْدِيًّا لَا مُنَاسَبَةَ فِيهِ وَلَا شَبَهَ، (١) وَذَلِكَ كَمَا يُقَالُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ: صَلَاةٌ لَا يَجُوزُ قَصْرُهَا، فَلَا تُقَدَّمَ فِي الْأَدَاءِ عَلَى وَقْتِهَا كَالْمَغْرِبِ فَإِنَّ عَدَمَ الْقَصْرِ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ.
الثَّانِي: عَدَمُ التَّأْثِيرِ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْوَصْفُ قَدِ اسْتُغْنِيَ عَنْهُ فِي إِثْبَاتِ الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ بِغَيْرِهِ، وَذَلِكَ كَمَا إِذَا قَالَ الْمُسْتَدِلُّ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ، مَبِيعٌ غَيْرُ مَرْئِيٍّ، فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ كَالطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ وَالسَّمَكِ فِي الْمَاءِ فَإِنَّ مَا وُجِدَ فِي الْأَصْلِ مِنَ الْعَجْزِ عَنِ التَّسْلِيمِ مُسْتَقِلٌّ بِالْحُكْمِ.
وَهَذَا النَّوْعُ مِمَّا اخْتُلِفَ فِيهِ، فَرَدَّهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِينِيُّ وَمَنْ تَابَعَهُ مَصِيرًا مِنْهُمْ إِلَى أَنَّهُ إِشَارَةٌ إِلَى عِلَّةٍ أُخْرَى فِي الْأَصْلِ وَلَا يَمْتَنِعُ تَعْلِيلُ الْحُكْمِ الْوَاحِدِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ بِعِلَّتَيْنِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَبِلَهُ مَصِيرًا مِنْهُمْ إِلَى امْتِنَاعِ الْحُكْمِ بِعِلَّتَيْنِ، وَقَدْ سَبَقَ تَقْرِيرُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَأْخَذَيْنِ وَمَا هُوَ الْمُخْتَارُ مِنْهُمَا.
الثَّالِثُ: عَدَمُ التَّأْثِيرِ فِي الْحُكْمِ، وَهُوَ أَنْ يَذْكُرَ فِي الدَّلِيلِ وَصْفًا لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي الْحُكْمِ الْمُعَلَّلِ، وَذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَ الْمُسْتَدِلُّ فِي مَسْأَلَةِ الْمُرْتَدِّينَ إِذَا أَتْلَفُوا أَمْوَالَنَا: طَائِفَةٌ مُشْرِكَةٌ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمُ الضَّمَانُ بِتَلَفِ أَمْوَالِنَا فِي دَارِ الْحَرْبِ كَأَهْلِ الْحَرْبِ، فَإِنَّ الْإِتْلَافَ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ ضَرُورَةَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْحُكْمِ عِنْدَهُمْ بَيْنَ الْإِتْلَافِ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَدَارِ الْإِسْلَامِ.
(١) لَا مُنَاسَبَةَ فِيهِ وَلَا شَبَهَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ طَرْدِيًّا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute