للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاخْتَلَفُوا فِيمَا انْعَقَدَ سَبَبُ وُجُوبِهِ وَلَمْ يَجِبْ لِمَانِعٍ، أَوْ لِفَوَاتِ شَرْطٍ مِنْ خَارِجٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُكَلَّفُ قَادِرًا عَلَى الْإِتْيَانِ بِالْوَاجِبِ فِي وَقْتِهِ كَالصَّوْمِ فِي حَقِّ الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ، أَوْ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَيْهِ: إِمَّا شَرْعًا كَالصَّوْمِ فِي حَقِّ الْحَائِضِ، وَإِمَّا عَقْلًا كَالنَّائِمِ؛ أَنَّهُ هَلْ يُسَمَّى قَضَاءً حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا.

مِنْهُمْ مَنْ مَالَ إِلَى التَّجَوُّزِ مَصِيرًا مِنْهُ إِلَى أَنَّ الْقَضَاءَ إِنَّمَا يَكُونُ حَقِيقَةً عِنْدَ فَوَاتِ مَا وَجَبَ فِي الْوَقْتِ اسْتِدْرَاكًا لِمَصْلَحَةِ الْوَاجِبِ الْفَائِتِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ، وَوُجُوبُهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْوَقْتِ بِأَمْرٍ تَجَدَّدَ لَا ارْتِبَاطَ لَهُ بِالْوَقْتِ الْأَوَّلِ، فَكَانَ إِطْلَاقُ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ تَجَوُّزًا.

وَمِنْهُمْ مَنْ مَالَ إِلَى أَنَّهُ قَضَاءٌ حَقِيقَةً لِمَا فِيهِ مِنِ اسْتِدْرَاكِ مَصْلَحَةِ مَا انْعَقَدَ سَبَبُ وُجُوبِهِ وَلَمْ يَجِبْ لِلْمُعَارِضِ، وَإِطْلَاقُ اسْمِ الْقَضَاءِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ فِي مَحَلِّ الْوِفَاقِ، إِنَّمَا كَانَ بِاعْتِبَارِ مَا اشْتَرَكَا فِيهِ مِنِ اسْتِدْرَاكِ مَصْلَحَةِ مَا انْعَقَدَ سَبَبُ وُجُوبِهِ لَا اسْتِدْرَاكَ مَصْلَحَةِ مَا وَجَبَ، وَهَذَا هُوَ الْأَشْبَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ نَفْيِ التَّجَوُّزِ وَالِاشْتِرَاكِ عَنِ اسْمِ الْقَضَاءِ.

[الْمَسْأَلَة السَّابِعَة مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ هَلْ يُوصَفُ بِالْوُجُوبِ]

الْمَسْأَلَة السَّابِعَة

مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ هَلْ يُوصَفُ بِالْوُجُوبِ؟ (١) اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَلَا بُدَّ قَبْلَ الْخَوْضِ فِي الْحِجَاجِ مِنْ تَلْخِيصِ مَحَلِّ النِّزَاعِ فَنَقُولُ: مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ.

إِمَّا أَنْ يَكُونَ وُجُوبُهُ مَشْرُوطًا بِذَلِكَ الشَّيْءِ (٢) ، أَوْ لَا يَكُونُ مَشْرُوطًا بِهِ.

فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ الشَّارِعُ: (أَوْجَبْتُ عَلَيْكَ الصَّلَاةَ إِنْ كُنْتَ مُتَطَهِّرًا) (٣) فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ تَحْصِيلَ الشَّرْطِ لَيْسَ وَاجِبًا وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ الصَّلَاةُ إِذَا وُجِدَ الشَّرْطُ.


(١) ارْجِعْ إِلَى ص: ١٥٩، ١٦٧ ج: ٢٠ مِنْ مَجْمُوعِ الْفَتَاوَى.
(٢) هَذَا لَيْسَ دَاخِلًا فِي الْقِسْمِ ; لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا ثَبَتَ وُجُوبُهُ بِالْفِعْلِ، وَتَوَقَّفَ إِيقَاعُهُ عَلَى شَيْءٍ، كَبَعْضِ أَمْثِلَةِ مَا جَعَلَهُ قِسْمًا ثَانِيًا، وَعَلَى ذَلِكَ لَا يُحْتَاجُ لِتَلْخِيصِ مَحَلِّ النِّزَاعِ.
(٣) لَوْ مَثَّلَ بِأَمْثِلَةٍ وَاقِعِيَّةٍ مِثْلَ: (وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا) الْآيَةَ. لَكَانَ أَنْسَبَ وَأَنْفَعَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>