للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ الْجُمَلُ الْمُتَعَاقِبَةُ بِالْوَاوِ إِذَا تَعَقَّبَهَا الِاسْتِثْنَاءُ]

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ

الْجُمَلُ الْمُتَعَاقِبَةُ بِالْوَاوِ إِذَا تَعَقَّبَهَا الِاسْتِثْنَاءُ رَجَعَ إِلَى جَمِيعِهَا عِنْدَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَإِلَى الْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ عِنْدَ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ وَأَبُو الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ، وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ: إِنْ كَانَ الشُّرُوعُ فِي الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ إِضْرَابًا عَنِ الْأُولَى وَلَا يُضْمَرُ فِيهَا شَيْءٌ مِمَّا فِي الْأُولَى فَالِاسْتِثْنَاءُ مُخْتَصٌّ بِالْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَمْ يَنْتَقِلْ عَنِ الْجُمْلَةِ الْأُولَى مَعَ اسْتِقْلَالِهَا بِنَفْسِهَا إِلَى غَيْرِهَا إِلَّا وَقَدْ تَمَّ مَقْصُودُهُ مِنْهَا.

وَذَلِكَ عَلَى أَقْسَامٍ أَرْبَعَةٍ: الْأَوَّلُ: أَنْ تَخْتَلِفَ الْجُمْلَتَانِ نَوْعًا كَمَا لَوْ قَالَ: أَكْرِمْ بَنِي تَمِيمٍ، وَالنُّحَاةُ الْبَصْرِيُّونَ (١) إِلَّا الْبَغَادِدَةَ إِذِ الْجُمْلَةُ الْأُولَى أَمْرٌ وَالثَّانِيَةُ خَبَرٌ.

الْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ تَتَّحِدَا نَوْعًا، وَتَخْتَلِفَا اسْمًا وَحُكْمًا كَمَا لَوْ قَالَ: أَكْرِمْ بَنِي تَمِيمٍ وَاضْرِبْ رَبِيعَةَ إِلَّا الطُّوَالَ إِذْ هُمَا أَمْرَانِ.

الثَّالِثُ: أَنْ تَتَّحِدَا نَوْعًا وَتَشْتَرِكَا حُكْمًا لَا اسْمًا كَمَا لَوْ قَالَ: سَلِّمْ عَلَى بَنِي تَمِيمٍ وَسَلِّمْ عَلَى بَنِي رَبِيعَةَ إِلَّا الطُّوَالَ.

الرَّابِعُ: أَنْ تَتَّحِدَا نَوْعًا وَتَشْتَرِكَا اسْمًا لَا حُكْمًا، وَلَا يَشْتَرِكُ الْحُكْمَانِ فِي غَرَضٍ مِنَ الْأَغْرَاضِ كَمَا لَوْ قَالَ: سَلِّمْ عَلَى بَنِي تَمِيمٍ، وَاسْتَأْجِرْ بَنِي تَمِيمٍ إِلَّا الطُّوَالَ.

وَأَقْوَى هَذِهِ الْأَقْسَامِ فِي اقْتِضَاءِ اخْتِصَاصِ الِاسْتِثْنَاءِ بِالْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ ثُمَّ الثَّانِي ثُمَّ الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ.

وَأَمَّا إِنْ لَمْ تَكُنِ الْجُمْلَةُ الْأَخِيرَةُ مُضْرِبَةً عَنِ الْأُولَى، بَلْ لَهَا بِهَا نَوْعُ تَعَلُّقٍ فَالِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ إِلَى الْكُلِّ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ أَقْسَامٍ:

الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: أَنْ تَتَّحِدَ الْجُمْلَتَانِ نَوْعًا وَاسْمًا لَا حُكْمًا، غَيْرَ أَنَّ الْحُكْمَيْنِ قَدِ اشْتَرَكَا فِي غَرَضٍ وَاحِدٍ كَمَا لَوْ قَالَ: أَكْرِمْ بَنِي تَمِيمٍ وَسَلِّمْ عَلَى بَنِي تَمِيمٍ إِلَّا الطُّوَالَ، لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي غَرَضِ الْإِعْظَامِ.


(١) (وَالنُّحَاةُ الْبَصْرِيُّونَ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ أَيْ وَالنُّحَاةُ هُمُ الْبَصْرِيُّونَ إِلَخْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>