للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَيْفَ وَهُوَ لَازِمٌ عَلَى الْخُصُومِ فِيمَا وَرَدَ مِنَ الْآيَاتِ الْمُتَشَابِهَاتِ، فَمَا هُوَ الْجَوَابُ فِي الْمُتَشَابِهَاتِ؟ هُوَ الْجَوَابُ لَنَا هَاهُنَا.

وَعَنِ الرَّابِعَةِ أَنَّهُ إِنَّمَا لَمْ يُسَمَّ مُتَجَوِّزًا ; لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُوهِمُ التَّسَمُّحُ فِي أَقْوَالِهِ بِالْقَبِيحِ، وَلِهَذَا يُفْهَمُ مِنْهُ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِ الْقَائِلِ: (فُلَانٌ مُتَجَوِّزٌ فِي مَقَالِهِ) . . . (١) ، فَيُتَوَقَّفُ إِطْلَاقُهُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْإِطْلَاقِ الشَّرْعِيِّ وَلَمْ يَرِدْ.

وَعَنِ الْخَامِسَةِ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ حَقِيقَةٌ فَبِمَعْنَى كَوْنِهِ صِدْقًا لَا بِمَعْنَى الْحَقِيقَةِ الْمُقَابِلَةِ لِلْمَجَازِ.

[الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ اشْتِمَالِ الْقُرْآنِ عَلَى كَلِمَةٍ غَيْرِ عَرَبِيَّةٍ]

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ

اخْتَلَفُوا فِي اشْتِمَالِ الْقُرْآنِ عَلَى كَلِمَةٍ غَيْرِ عَرَبِيَّةٍ، فَأَثْبَتَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ وَنَفَاهُ الْبَاقُونَ. (٢) احْتَجَّ النَّافُونَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} فَنَفَى أَنْ يَكُونَ أَعْجَمِيًّا وَقَطَعَ اعْتِرَاضَهُمْ بِتَنَوُّعِهِ بَيْنَ أَعْجَمِيٍّ وَعَرَبِيٍّ، وَلَا يَنْتَفِي الِاعْتِرَاضُ وَفِيهِ أَعْجَمِيٌّ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} ، وَبِقَوْلِهِ: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} وَظَاهِرُ ذَلِكَ يُنَافِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَا لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ.

وَاحْتَجَّ الْمُثْبِتُونَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِمْ: الْقُرْآنُ مُشْتَمِلٌ عَلَى: الْمِشْكَاةِ وَهِيَ هِنْدِيَّةٌ، وَإِسْتَبْرَقٍ وَسِجِّيلٍ بِالْفَارِسِيَّةِ، وَطه بِالنَّبْطِيَّةِ، وَقِسْطَاسٍ بِالرُّومِيَّةِ، وَالْأَبِّ وَهِيَ كَلِمَةٌ لَا تَعْرِفُهَا الْعَرَبُ.

وَلِذَلِكَ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ لَمَّا تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ قَالَ: هَذِهِ الْفَاكِهَةُ فَمَا الْأَبُّ


(١) لَعَلَّ فِي الْعِبَارَةِ سَقْطًا، وَالتَّقْدِيرُ: وَأَيْضًا أَسْمَاءُ اللَّهِ تَوْقِيفِيَّةٌ فَيُتَوَقَّفُ إِطْلَاقُهُ. . . إِلَخْ، وَيَكُونُ جَوَابًا ثَانِيًا.
(٢) ارْجِعْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِلَى مُقَدِّمَةِ تَفْسِيرِ ابْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ ص ٨ - ٢٠ ج ١، وَإِلَى الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مِنْ مَسَائِلِ قَصْدِ الشَّارِعِ فِي وَضْعِ الشَّرِيعَةِ لِلْأَفْهَامِ ج ٢ مِنَ الْمُوَافَقَاتِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>