[الْأَصْلُ الثَّانِي فِي السُّنَّةِ]
[الْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى فِي عِصْمَةِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ]
الْأَصْلُ الثَّانِي
فِي السُّنَّةِ
وَهِيَ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنِ الطَّرِيقَةِ، فَسُنَّةُ كُلِّ أَحَدٍ مَا عُهِدَتْ مِنْهُ الْمُحَافَظَةُ عَلَيْهِ وَالْإِكْثَارُ مِنْهُ، كَانَ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الْحَمِيدَةِ أَوْ غَيْرِهَا.
وَأَمَّا فِي الشَّرْعِ فَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى مَا كَانَ مِنَ الْعِبَادَاتِ نَافِلَةً مَنْقُولَةً عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى مَا صَدَرَ عَنِ الرَّسُولِ مِنَ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ مِمَّا لَيْسَ بِمَتْلُوٍّ، وَلَا هُوَ مُعْجِزٌ وَلَا دَاخِلٌ فِي الْمُعْجِزِ، وَهَذَا النَّوْعُ هُوَ الْمَقْصُودُ بِالْبَيَانِ هَاهُنَا، وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ أَقْوَالُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَفْعَالُهُ وَتَقَارِيرُهُ.
أَمَّا الْأَقْوَالُ مِنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالتَّخْيِيرِ وَالْخَبَرِ وَجِهَاتِ دَلَالَتِهَا فَسَيَأْتِي إِيضَاحُهَا فِي الْأَصْلِ الرَّابِعِ الْمَخْصُوصِ بِبَيَانِ مَا تَشْتَرِكُ فِيهِ الْأَدِلَّةُ الْمَنْقُولَةُ الشَّرْعِيَّةُ.
وَلْيَكُنِ الْبَيَانُ هَاهُنَا مَخْصُوصًا بِمَا يَخُصُّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ الْأَفْعَالِ وَالتَّقَارِيرِ، وَيَشْتَمِلُ عَلَى مُقَدِّمَتَيْنِ وَخَمْسِ مَسَائِلَ.
الْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى (١) .
فِي عِصْمَةِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَشَرْحِ الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ وَمَا وَقَعَ الِاتِّفَاقُ مِنْ أَهْلِ الشَّرَائِعِ عَلَى عِصْمَتِهِمْ عَنْهُ مِنَ الْمَعَاصِي وَمَا فِيهِ الِاخْتِلَافُ أَمَّا قَبْلَ النُّبُوَّةِ، فَقَدْ ذَهَبَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِنَا وَكَثِيرٌ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ إِلَى أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِمُ الْمَعْصِيَةُ كَبِيرَةً كَانَتْ أَوْ صَغِيرَةً، بَلْ وَلَا يَمْتَنِعُ عَقْلًا إِرْسَالُ مَنْ أَسْلَمَ وَآمَنَ بَعْدَ كُفْرِهِ.
وَذَهَبَتِ الرَّوَافِضُ إِلَى امْتِنَاعِ ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْهُمْ قَبْلَ النُّبُوَّةِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُوجِبُ هَضْمَهُمْ فِي النُّفُوسِ وَاحْتِقَارَهُمْ وَالنُّفْرَةَ عَنِ اتِّبَاعِهِمْ، وَهُوَ خِلَافُ مُقْتَضَى الْحِكْمَةِ مِنْ بَعْثَةِ الرُّسُلِ، وَوَافَقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ الْمُعْتَزِلَةِ إِلَّا فِي الصَّغَائِرِ.
(١) انْظُرْ كِتَابَ النُّبُوَّاتِ ص ١٦٦ وج ٢ مِنْ مِنْهَاجِ السُّنَّةِ لِابْنِ تَيْمِيَّةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute