[الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ إِذَا وَرَدَ خِطَابٌ جَوَابًا لِسُؤَالِ سَائِلٍ دَاعٍ إِلَى الْجَوَابِ]
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ
إِذَا وَرَدَ خِطَابٌ جَوَابًا لِسُؤَالِ سَائِلٍ دَاعٍ إِلَى الْجَوَابِ فَالْجَوَابُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُسْتَقِلٍّ بِنَفْسِهِ دُونَ السُّؤَالِ أَوْ هُوَ مُسْتَقِلٌّ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَهُوَ تَابِعٌ لِلسُّؤَالِ فِي عُمُومِهِ وَخُصُوصِهِ: أَمَّا فِي عُمُومِهِ خِلَافٌ، وَذَلِكَ كَمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ فَقَالَ: " أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ فَلَا إِذًا» ".
وَأَمَّا فِي خُصُوصِهِ فَكَمَا لَوْ سَأَلَهُ سَائِلٌ وَقَالَ: تَوَضَّأْتُ بِمَاءِ الْبَحْرِ، فَقَالَ لَهُ: يُجْزِئُكَ، فَهَذَا وَأَمْثَالُهُ، وَإِنْ تُرِكَ فِيهِ الِاسْتِفْصَالُ مَعَ تَعَارُضِ الْأَحْوَالِ لَا يَدُلُّ عَلَى التَّعْمِيمِ فِي حَقِّ الْغَيْرِ كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إِذِ اللَّفْظُ لَا عُمُومَ لَهُ.
وَلَعَلَّ الْحُكْمَ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ كَانَ لِمَعْنًى يَخْتَصُّ بِهِ (١) كَتَخْصِيصِ أَبِي بُرْدَةَ فِي الْأُضْحِيَّةِ بِجَدَعَةٍ مِنَ الْمَعْزِ، وَقَوْلِهِ لَهُ: تُجْزِئُكَ وَلَا تُجْزِئُ أَحَدًا بَعْدَكَ، وَتَخْصِيصِهِ خُزَيْمَةَ بِقَبُولِ شَهَادَتِهِ وَحْدَهُ، وَبِتَقْدِيرِ تَعْمِيمِ الْمَعْنَى الْجَالِبِ لِلْحُكْمِ، فَالْحُكْمُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ إِنْ ثَبَتَ فَبِالْعِلَّةِ الْمُتَعَدِّيَةِ لَا بِالنَّصِّ.
وَأَمَّا إِنْ كَانَ الْجَوَابُ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ دُونَ السُّؤَالِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُسَاوِيًا لِلسُّؤَالِ أَوْ أَعَمَّ مِنْهُ أَوْ أَخَصَّ.
(١) الْحَدِيثُ رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَأَعَلَّهُ ابْنُ حَزْمٍ وَجَمَاعَةٌ بِأَنَّ فِي إِسْنَادِهِ زَيْدًا أَبَا عَيَّاشٍ وَهُوَ مَجْهُولٌ، وَأَجَابَ ابْنُ حَجَرٍ عَنْ ذَلِكَ فِي تَلْخِيصِ الْحَبِيرِ بِأَنَّ الدَّارَقُطْنِيَّ قَالَ فِيهِ: إِنَّهُ ثِقَةٌ ثَبَتٌ وَيَقُولُ الْمُنْذِرِيُّ: رَوَى عَنْهُ ثِقَاتٌ وَاعْتَمَدَهُ مَالِكٌ مَعَ شِدَّةٍ نَقْدِهِ، وَقَالَ الْحَاكِمُ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا طَعَنَ فِيهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute