للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا الزِّيَادَةُ فَلِعَدَمِ الْغَرَضِ بِهَا.

وَأَمَّا النُّقْصَانُ فَلِمَا فِيهِ مِنَ الْإِخْلَالِ بِمَقْصُودِ السَّائِلِ.

وَعُمَرُ إِنَّمَا سَأَلَ عَنْ كَوْنِ الْقُبْلَةِ مُفْسِدَةً لِلصَّوْمِ أَمْ لَا؟ فَالْجَوَابُ الْمُطَابِقُ إِنَّمَا يَكُونُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْإِفْسَادِ أَوْ عَدَمِهِ، وَكَوْنُ الْقُبْلَةِ عِلَّةً لِنَفْيِ الْفَسَادِ غَيْرَ مَسْئُولٍ عَنْهُ، فَلَا يَكُونُ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى ذَلِكَ جَوَابًا مُطَابِقًا لِلسُّؤَالِ، بِخِلَافِ النَّقْضِ فَإِنَّهُ يَتَحَقَّقُ بِهِ أَنَّ الْقُبْلَةَ غَيْرُ مُفْسِدَةٍ، فَكَانَ جَوَابًا مُطَابِقًا لِلسُّؤَالِ.

[الْقِسْمُ الرَّابِعُ أَنْ يُفَرِّقَ الشَّارِعُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ فِي الْحُكْمِ بِذِكْرِ صِفَةٍ]

ٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُشْعِرُ بِأَنَّ تِلْكَ الصِّفَةَ هِيَ عِلَّةُ التَّفْرِقَةِ فِي الْحُكْمِ، حَيْثُ خَصَّصَهَا بِالذِّكْرِ دُونَ غَيْرِهَا، فَلَوْ لَمْ تَكُنْ عِلَّةً لَكَانَ ذَلِكَ عَلَى خِلَافِ مَا أَشْعَرَ بِهِ اللَّفْظُ، وَهُوَ تَلْبِيسٌ يُصَانُ بِنَصْبِ الشَّارِعِ عَنْهُ.

وَذَلِكَ مُنْقَسِمٌ إِلَى مَا يَكُونُ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ مَذْكُورًا فِي ذَلِكَ الْخِطَابِ دُونَ ذِكْرِ الْآخَرِ، وَإِلَى مَا لَا يَكُونُ مَذْكُورًا فِيهِ (١) الْأَوَّلُ: كَمَا فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: " «الْقَاتِلُ لَا يَرِثُ» " فَإِنَّهُ خَصَّصَ الْقَاتِلُ بِعَدَمِ الْمِيرَاثِ بَعْدَ سَابِقَةِ إِرْثِ مَنْ يَرِثُ.

وَالثَّانِي: فَمِنْهُ مَا تَكُونُ التَّفْرِقَةُ فِيهِ بِلَفْظِ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ كَقَوْلِهِ: " «لَا تَبِيعُوا الْبُرَّ بِالْبُرِّ» " إِلَى قَوْلِهِ: " فَإِذَا «اخْتَلَفَ الْجِنْسَانِ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ» "

وَمِنْهُ مَا يَكُونُ بِالْغَايَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} .

وَمِنْهُ مَا يَكُونُ بِالِاسْتِثْنَاءِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ} .

وَمِنْهُ مَا يَكُونُ بِلَفْظِ الِاسْتِدْرَاكِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} .

وَمِنْهُ أَنْ يُسْتَأْنَفَ أَحَدُ الشَّيْئَيْنِ بِذِكْرِ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ بَعْدَ ذِكْرِ الْآخَرِ كَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: " «لِلرَّاجِلِ سَهْمٌ وَلِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ» ".


(١) وَإِلَى مَا لَا يَكُونُ مَذْكُورًا فِيهِ - فِيهِ تَحْرِيفٌ وَالصَّوَابُ: وَإِلَى مَا يَكُونُ كُلُّ مِنَ الْأَمْرَيْنِ مَذْكُورًا فِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>