للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْمَحْظُورِ]

[الْمَسْأَلَةُ الْأَوْلَى هل يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُحَرَّمُ أَحَدَ أَمْرَيْنِ لَا بِعَيْنِهِ]

الْفَصْلُ الثَّانِي

فِي الْمَحْظُورِ

وَقَدْ يُطْلَقُ فِي اللُّغَةِ عَلَى مَا كَثُرَتْ آفَاتُهُ، وَمِنْهُ يُقَالُ: لَبَنٌ مَحْظُورٌ، أَيْ كَثِيرُ الْآفَةِ.

وَقَدْ يُطْلَقُ بِمَعْنَى الْمَنْعِ وَالْقَطْعِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: حَظَرْتُ عَلَيْهِ كَذَا، أَيْ مَنَعْتُهُ مِنْهُ، وَمِنْهُ الْحَظِيرَةُ لِلْبُقْعَةِ الْمُنْقَطِعَةِ تَأْتِي إِلَيْهَا الْمَوَاشِي.

وَأَمَّا فِي الشَّرْعِ، فَقَدْ قِيلَ فِيهِ ضِدُّ مَا قِيلَ فِي الْوَاجِبِ مِنَ الْحُدُودِ الْمُزَيَّفَةِ السَّابِقُ ذِكْرُهَا، وَلَا يَخْفَى وَجْهُ الْكَلَامِ عَلَيْهَا.

وَالْحَقُّ فِيهِ أَنْ يُقَالَ: هُوَ مَا يَنْتَهِضُ فِعْلُهُ سَبَبًا لِلذَّمِّ شَرْعًا بِوَجْهٍ مَا مِنْ حَيْثُ هُوَ فِعْلٌ لَهُ.

فَالْقَيْدُ الْأَوَّلُ فَاصِلٌ لَهُ عَنِ الْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ وَسَائِرِ الْأَحْكَامِ، وَالثَّانِي فَاصِلٌ لَهُ عَنِ الْمُخَيَّرِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْوَاجِبِ. (١) وَالثَّالِثُ فَاصِلٌ لَهُ عَنِ الْمُبَاحِ الَّذِي يَسْتَلْزِمُ فِعْلُهُ تَرْكَ وَاجِبٍ، فَإِنَّهُ يُذَمُّ عَلَيْهِ لَكِنْ لَا مِنْ جِهَةِ فِعْلِهِ بَلْ لِمَا لَزِمَهُ مِنْ تَرْكِ الْوَاجِبِ وَالْحَظْرِ (٢) فَهُوَ خِطَابُ الشَّارِعِ بِمَا فَعَلَهُ سَبَبٌ لِلذَّمِّ شَرْعًا بِوَجْهٍ مَا مِنْ حَيْثُ هُوَ فِعْلُهُ، وَمِنْ أَسْمَائِهِ أَنَّهُ مُحَرَّمٌ وَمَعْصِيَةٌ وَذَنْبٌ، وَإِذَا عُرِفَ مَعْنَى الْمَحْظُورِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ مَا يُخْتَصُّ بِهِ مِنَ الْمَسَائِلِ، وَهِيَ ثَلَاثُ مَسَائِلَ.


(١) الصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: الْقَيْدُ الثَّانِي، وَهُوَ قَوْلُهُ: بِوَجْهِ مَا دَخَلَ بِهِ الْمُحَرَّمُ الْمُخَيَّرُ، ضَرُورَةَ أَنَّهُ لَيْسَ بِفَاصِلٍ لَهُ عَنِ الْمَحْظُورِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي تَعْرِيفِ الْوَاجِبِ.
(٢) لَوْ قَالَ: فَالْحَظْرُ هُوَ خِطَابُ الشَّارِعِ. إِلَخْ، تَفْرِيعًا عَلَى تَعْرِيفِهِ لِلْمَحْظُورِ لَكَانَ أَوْلَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>