للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبَيَانُهُ أَنَّهُ إِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ (طَلَّقْتُكِ) فَإِنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ عَلَيْهِ إِجْمَاعًا، وَلَوْ كَانَ إِخْبَارًا لَكَانَ إِخْبَارًا عَنِ الْمَاضِي أَوِ الْحَالِ، لِعَدَمِ صَلَاحِيَةِ هَذِهِ الصِّيغَةِ لِلِاسْتِقْبَالِ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ، لَمْ يَخْلُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ وُجِدَ مِنْهُ الطَّلَاقُ، أَوْ لَمْ يُوجَدْ: فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ، امْتَنَعَ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ فِي قَوْلِهِ " إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ " لِأَنَّ تَعْلِيقَ وُجُودِ مَا وُجِدَ عَلَى وُجُودِ مَا لَمْ يُوجَدْ مُحَالٌ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي، وَجَبَ أَنْ يُعَدَّ كَاذِبًا، وَأَنْ لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ، وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ.

وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّهُ إِخْبَارٌ عَنِ الْمُسْتَقْبَلِ مَعَ الْإِحَالَةِ، فَيَجِبُ أَيْضًا أَنْ لَا يَقَعَ بِهِ الطَّلَاقُ كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِذَلِكَ، وَقَالَ لَهَا سَتَصِيرِينَ طَالِقًا فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ مَعَ أَنَّهُ صَرِيحُ إِخْبَارٍ عَنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَمَا لَيْسَ بِصَرِيحٍ أَوْلَى.

وَإِذَا بَطَلَ كَوْنُهُ إِخْبَارًا تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ إِنْشَاءً، إِذِ الْإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَى امْتِنَاعِ الْخُلُوِّ مِنْهُمَا، فَإِذَا بَطَلَ أَحَدُهُمَا تَعَيَّنَ الْآخَرُ.

[الْبَحْثُ الرَّابِعُ فِي مُقْتَضَى صِيغَةِ الْأَمْرِ]

[الْمَسْأَلَةُ الْأُوْلَى فِيمَاذَا صِيغَةُ الْأَمْرِ حَقِيقَةٌ]

الْبَحْثُ الرَّابِعُ، فِي مُقْتَضَى صِيغَةِ الْأَمْرِ وَفِيهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ مَسْأَلَةً.

الْمَسْأَلَةُ الْأُوْلَى

فِيمَاذَا صِيغَةُ الْأَمْرِ حَقِيقَةٌ فِيهِ إِذَا وَرَدَتْ مُطْلَقَةً عُرْيَةً عَنِ الْقَرَائِنِ، وَقَدِ اتَّفَقَ الْأُصُولِيُّونَ عَلَى إِطْلَاقِهَا بِإِزَاءِ خَمْسَةَ عَشَرَ اعْتِبَارًا (١) .

الْوُجُوبُ، كَقَوْلِهِ: {أَقِمِ الصَّلَاةَ} .

وَالنَّدْبُ، كَقَوْلِهِ: {فَكَاتِبُوهُمْ} .

وَالْإِرْشَادُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاسْتَشْهِدُوا} ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ النَّدْبِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي طَلَبِ تَحْصِيلٍ، غَيْرَ أَنَّ النَّدْبَ لِمَصْلَحَةٍ أُخْرَوِيَّةٍ، وَالْإِرْشَادَ لِمَصْلَحَةٍ دُنْيَوِيَّةٍ.

وَالْإِبَاحَةُ كَقَوْلِهِ: {فَاصْطَادُوا} .

وَالتَّأْدِيبُ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي النَّدْبِ كَقَوْلِهِ: " كُلْ مِمَّا يَلِيكَ "


(١) أَوْصَلَهَا بَعْضُهُمْ إِلَى ٢٦ مَعْنًى وَأَوْصَلَهَا آخَرُونَ إِلَى بِضْعٍ وَثَلَاثِينَ، انْظُرْ غَايَةَ الْوُصُولِ عَلَى لُبِّ الْأُصُولِ لِزَكَرِيَّا الْأَنْصَارِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>