للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي أَقْسَامِ الْمَقْصُودِ مِنْ شَرْعِ الْحُكْمِ وَاخْتِلَافِ مَرَاتِبِهِ فِي نَفْسِهِ وَذَاتِهِ]

الْفَصْلُ الرَّابِعُ

فِي أَقْسَامِ الْمَقْصُودِ مِنْ شَرْعِ الْحُكْمِ وَاخْتِلَافِ مَرَاتِبِهِ فِي نَفْسِهِ وَذَاتِهِ (١) وَهُوَ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ قَبِيلِ الْمَقَاصِدِ الضَّرُورِيَّةِ، أَوْ لَا يَكُونَ مِنْ قَبِيلِ الْمَقَاصِدِ الضَّرُورِيَّةِ.

فَإِنْ كَانَ مِنْ قَبِيلِ الْمَقَاصِدِ الضَّرُورِيَّةِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَصْلًا، أَوْ لَا يَكُونَ أَصْلًا.

فَإِنْ كَانَ أَصْلًا فَهُوَ الرَّاجِعُ إِلَى الْمَقَاصِدِ الْخَمْسَةِ الَّتِي لَمْ تَخْلُ مِنْ رِعَايَتِهَا مِلَّةٌ مِنَ الْمِلَلِ وَلَا شَرِيعَةٌ مِنَ الشَّرَائِعِ، وَهِيَ: حَفِظُ الدِّينِ، وَالنَّفْسِ، وَالْعَقْلِ، وَالنَّسْلِ، وَالْمَالِ. فَإِنَّ حَفِظَ هَذِهِ الْمَقَاصِدِ الْخَمْسَةِ مِنَ الضَّرُورِيَّاتِ وَهِيَ أَعْلَى مَرَاتِبِ الْمُنَاسَبَاتِ.

وَالْحَصْرُ فِي هَذِهِ الْخَمْسَةِ الْأَنْوَاعِ إِنَّمَا كَانَ نَظَرًا إِلَى الْوَاقِعِ وَالْعِلْمِ بِانْتِفَاءِ مَقْصَدٍ ضَرُورِيٍّ خَارِجٍ عَنْهَا فِي الْعَادَةِ.

أَمَّا حِفْظُ الدِّينِ: فَبِشَرْعِ قَتْلِ الْكَافِرِ الْمُضِلِّ، وَعُقُوبَةِ الدَّاعِي إِلَى الْبِدَعِ.

وَأَمَّا حِفْظُ النُّفُوسِ: فَبِشَرْعِ الْقِصَاصِ.

وَأَمَّا حِفْظُ الْعُقُولِ: فَبِشَرْعِ الْحَدِّ عَلَى شُرْبِ الْمُسْكِرِ.

وَأَمَّا حِفْظُ الْأَمْوَالِ الَّتِي بِهَا مَعَاشُ الْخَلْقِ: فَبِشَرْعِ الزَّوَاجِرِ لِلْغُصَّابِ وَالسُّرَّاقِ. (٢) وَأَمَّا إِنْ لَمْ يَكُنْ أَصْلًا فَهُوَ التَّابِعُ الْمُكَمِّلُ لِلْمَقْصُودِ الضَّرُورِيِّ.

وَذَلِكَ كَالْمُبَالَغَةِ فِي حِفْظِ الْعَقْلِ بِتَحْرِيمِ شُرْبِ الْقَلِيلِ مِنَ الْمُسْكِرِ الدَّاعِي إِلَى الْكَثِيرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْكِرًا، فَإِنَّ أَصْلَ الْمَقْصُودِ مِنْ حِفْظِ الْعَقْلِ حَاصِلٌ بِتَحْرِيمِ شُرْبِ الْمُسْكِرِ لَا بِتَحْرِيمِ قَلِيلِهِ، وَإِنَّمَا يُحَرَّمُ الْقَلِيلُ لِلتَّكْمِيلِ وَالتَّتْمِيمِ.

وَأَمَّا إِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَقْصُودُ مِنَ الْمَقَاصِدِ الضَّرُورِيَّةِ: فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ قَبِيلِ مَا تَدْعُو حَاجَةُ النَّاسِ إِلَيْهِ، أَوْ لَا تَدْعُو إِلَيْهِ الْحَاجَةُ.

فَإِنْ كَانَ مِنْ قَبِيلِ مَا تَدْعُو إِلَيْهِ الْحَاجَةُ: فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَصْلًا، أَوْ لَا يَكُونَ أَصْلًا.


(١) ارْجِعْ إِلَى كِتَابِ الْمَقَاصِدِ مِنْ كِتَابِ الْمُوَافِقَاتِ لِلشَّاطِبِيِّ، فَإِنَّهُ قَسَّمَهَا إِلَى: ضَرُورِيَّاتٍ، وَحَاجِيَّاتٍ، وَتَحْسِينِيَّاتٍ، وَذَكَرَ مُكَمِّلَاتِ كُلٍّ مِنْهَا وَأَوْضَحَهَا بِالتَّعَارِيفِ وَالْأَمْثِلَةِ.
(٢) فِيهِ سَقْطٌ - تَقْدِيرُهُ وَأَمَّا حِفْظُ النَّسْلِ فَبِشَرْعِ النِّكَاحِ وَحَدِّ الْجَلْدِ وَالرَّجْمِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>