للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الصِّنْفُ الثَّالِثُ فِي مَعْنَى الْعَامِّ وَالْخَاصِّ]

[مُقَدِّمَةُ فِي بَيَانِ مَعْنَى الْعَامِّ وَالْخَاصِّ وَصِيَغِ الْعُمُومِ]

وَيَشْتَمِلُ عَلَى مُقَدِّمَةٍ وَمَسَائِلَ.

أَمَّا الْمُقَدِّمَةُ فَفِي بَيَانِ مَعْنَى الْعَامِّ وَالْخَاصِّ، وَصِيَغِ الْعُمُومِ.

أَمَّا الْعَامُّ فَقَدْ قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ: الْعَامُّ هُوَ اللَّفْظُ الْمُسْتَغْرِقُ لِجَمِيعِ مَا يَصْلُحُ لَهُ، وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَهُوَ فَاسِدٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:

الْأَوَّلُ: أَنَّهُ عَرَّفَ الْعَامَّ بِالْمُسْتَغْرِقِ، وَهُمَا لَفْظَانِ مُتَرَادِفَانِ، وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ هَاهُنَا مِنَ التَّحْدِيدِ شَرْحَ اسْمِ الْعَامِّ حَتَّى يَكُونَ الْحَدُّ لَفْظِيًّا، بَلْ شَرْحَ الْمُسَمَّى إِمَّا بِالْحَدِّ الْحَقِيقِيِّ أَوِ الرَّسْمِيِّ (١) ، وَمَا ذَكَرَهُ خَارِجٌ عَنِ الْقِسْمَيْنِ.

الثَّانِي: أَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ قَوْلُ الْقَائِلِ: " ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا " فَإِنَّهُ لَفْظٌ مُسْتَغْرِقٌ لِجَمِيعِ مَا هُوَ صَالِحٌ لَهُ وَلَيْسَ بِعَامٍّ.

وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: إِنَّهُ اللَّفْظُ الْوَاحِدُ الدَّالُّ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى شَيْئَيْنِ فَصَاعِدًا، وَهُوَ غَيْرُ جَامِعٍ، فَإِنَّ لَفْظَ الْمَعْدُومِ وَالْمُسْتَحِيلِ مِنَ الْأَلْفَاظِ الْعَامَّةِ، وَلَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى شَيْئَيْنِ فَصَاعِدًا، إِذِ الْمَعْدُومُ لَيْسَ بِشَيْءٍ عِنْدَهُ وَعِنْدَ أَهْلِ الْحَقِّ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَالْمُسْتَحِيلُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَانَ جَامِعًا إِلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ.

فَإِنَّ قَوْلَنَا: عَشَرَةٌ


(١) التَّعْرِيفُ اللَّفْظِيُّ: تَبْدِيلُ لَفْظٍ بِلَفْظٍ أَوْضَحَ مِنْهُ عِنْدَ السَّامِعِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى مَعْنَاهُ كَتَعْرِيفِ الْبُرِّ بِالْقَمْحِ، وَالْهِزَبْرِ بِالْأَسَدِ، وَالْقُرْءِ بِالْحَيْضِ أَوِ الطُّهْرِ، وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ عُلَمَاءِ اللُّغَةِ، أَمَّا الْحَدُّ فَتَعْرِيفُ الشَّيْءِ بِذِكْرِ ذَاتِيَّاتِهِ أَيْ أَجْزَائِهِ الَّتِي تَتَأَلَّفُ مِنْهَا حَقِيقَتُهُ كَتَعْرِيفِ الْإِنْسَانِ بِأَنَّهُ حَيَوَانٌ نَاطِقٌ أَيْ مُفَكِّرٌ.
وَالرَّسْمُ تَعْرِيفُ الشَّيْءِ بِنُعُوتِهِ وَصِفَاتِهِ الَّتِي لَا تَتَأَلَّفُ مِنْهَا حَقِيقَتُهُ، وَلَكِنَّهَا قَائِمَةٌ بِهَا كَتَعْرِيفِ الْإِنْسَانِ بِالضَّاحِكِ، فَإِنِ اجْتَمَعَ فِي التَّعْرِيفِ ذَاتِيٌّ وَغَيْرُ ذَاتِيٍّ أَيْ وَصْفٌ عَرَضِيٌّ كَانَ رَسْمًا مِثْلَ حَيَوَانٍ ضَاحِكٍ، وَهَذَا اصْطِلَاحٌ مَنْطِقِيٌّ فَمَنْ أَرَادَ تَفْصِيلَ الْقَوْلِ فِيهِ فَلْيَرْجِعْ إِلَى كُتُبِ الْمَنْطِقِ، وَإِلَى كِتَابِ الرَّدِّ عَلَى الْمَنْطِقِيِّينَ لِابْنِ تَيْمِيَةَ، لِيَعْرِفَ نَقْدَهُ إِيَّاهُمْ فِي تَقْسِيمِ الْكُلِّيِّ إِلَى ذَاتِيٍّ وَعَرَضِيٍّ، وَعَجْزَهُمْ عَنْ بَيَانِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْقِسْمَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>