[الصِّنْفُ الثَّانِي فِي النَّهْيِ]
[الْمَسْأَلَةُ النَّهْيَ عَنِ التَّصَرُّفَاتِ وَالْعُقُودِ الْمُفِيدَةِ لِأَحْكَامِهَا هَلْ يَقْتَضِي فَسَادَهَا]
اعْلَمْ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ النَّهْيُ مُقَابِلًا لِلْأَمْرِ فَكُلُّ مَا قِيلَ فِي حَدِّ الْأَمْرِ عَلَى أُصُولِنَا وَأُصُولِ الْمُعْتَزِلَةِ مِنَ الْمُزَيَّفِ وَالْمُخْتَارِ.
فَقَدْ قِيلَ مُقَابِلُهُ فِي حَدِّ النَّهْيِ وَلَا يَخْفَى وَجْهُ الْكَلَامِ فِيهِ.
وَالْكَلَامُ فِي النَّهْيَ " عَلَى أُصُولِ أَصْحَابِنَا " هَلْ لَهُ صِيغَةٌ تَخُصُّهُ وَتَدُلُّ عَلَيْهِ؟ فَعَلَى مَا سَبَقَ فِي الْأَمْرِ أَيْضًا، وَأَنَّ صِيغَةَ " لَا تَفْعَلْ " وَإِنْ تَرَدَّدَتْ بَيْنَ سَبْعَةِ مَحَامِلَ: وَهِيَ التَّحْرِيمُ وَالْكَرَاهَةُ وَالتَّحْقِيرُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ} ، وَبَيَانُ الْعَاقِبَةِ كَقَوْلِهِ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا} ، وَالدُّعَاءُ كَقَوْلِهِ: " لَا تَكِلْنَا إِلَى أَنْفُسِنَا "، وَالْيَأْسُ كَقَوْلِهِ: {لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ} ، وَالْإِرْشَادُ كَقَوْلِهِ: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ} .
فَهِيَ حَقِيقَةٌ فِي طَلَبِ التَّرْكِ وَاقْتِضَائِهِ، وَمَجَازٌ فِيمَا عَدَاهُ.
وَأَنَّهَا هَلْ هِيَ حَقِّيَّةٌ (١) فِي التَّحْرِيمِ أَوِ الْكَرَاهَةِ أَوْ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا أَوْ مَوْقُوفَةٌ؟ فَعَلَى مَا سَبَقَ فِي الْأَمْرِ مِنَ الْمُزَيَّفِ، وَالْمُخْتَارِ، وَالْخِلَافُ فِي أَكْثَرِ مَسَائِلِهِ، فَعَلَى وَزَانِ الْخِلَافِ فِي مُقَابَلَاتِهَا مِنْ مَسَائِلِ الْأَمْرِ وَمَأْخَذِهَا كَمَأْخَذِهَا فَعَلَى النَّاظِرِ بِالنَّقْلِ وَالِاعْتِبَارِ.
غَيْرَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الْإِشَارَةِ إِلَى مَا تَدْعُو الْحَاجَةُ إِلَى مَعْرِفَتِهِ مِنَ الْمَسَائِلِ الْخَاصَّةِ بِالنَّهْيِ، لِاخْتِصَاصِهَا بِمَأْخَذٍ لَا تَحَقُّقَ لَهُ فِي مُقَابَلَاتِهَا مِنْ مَسَائِلِ الْأَمْرِ، وَهِيَ ثَلَاثُ مَسَائِلَ.
(١) حَقِّيَّةٌ - الصَّوَابُ حَقِيقَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute