وَأَمَّا الْوَصْفُ الْجَامِعُ فَهُوَ فَرْعٌ فِي الْحُكْمِ لِكَوْنِهِ مُسْتَنْبَطًا مِنْ مَحَلِّ حُكْمِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، فَهُوَ تَبَعٌ لِلنَّصِّ وَالْحُكْمِ وَمَحَلِّهِ، وَهُوَ أَصْلٌ فِي الْفَرْعِ لِكَوْنِ الْحُكْمِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ فِي النَّبِيذِ مَبْنِيًّا عَلَيْهِ، وَتَسْمِيَةُ الْوَصْفِ الْجَامِعِ فِي الْفَرْعِ أَصْلًا أَوْلَى مِنْ تَسْمِيَةِ النَّصِّ فِي الْخَمْرِ وَالتَّحْرِيمِ وَمَحَلِّهِ أَصْلًا لِلِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ وَالِاتِّفَاقِ عَلَى كَوْنِ الْوَصْفِ فِي ذَلِكَ أَصْلًا.
[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي شَرَائِطِ الْقِيَاسِ]
[مقدمة أن للقياس أركانا لا يتم دونها]
وَإِذَا عُرِفَ مَعْنَى الْقِيَاسِ وَأَرْكَانِهِ فَلْنَشْرَعْ فِي بَيَانِ أَبْوَابِهِ:
الْبَابُ الْأَوَّلُ: فِي شَرَائِطِ الْقِيَاسِ
وَيَشْتَمِلُ عَلَى مُقَدِّمَةٍ وَأَقْسَامٍ:
أَمَّا الْمُقَدِّمَةُ فَاعْلَمْ أَنَّ الْقِيَاسَ عَلَى مَا سَبَقَ تَعْرِيفُهُ يَسْتَدْعِي أَرْكَانًا لَا يَتِمُّ دُونَهَا، وَثَمَرَةً، هِيَ نَتِيجَتُهُ:
فَأَمَّا الْأَرْكَانُ فَهِيَ أَرْبَعَةٌ:
الْفَرْعُ الْمُسَمَّى بِصُورَةِ مَحَلِّ النِّزَاعِ، وَهِيَ الْوَاقِعَةُ الْمُتَنَازَعِ فِي حُكْمِهَا نَفْيًا وَإِثْبَاتًا.
وَالْأَصْلُ: وَهُوَ الْوَاقِعَةُ الَّتِي يُقْصَدُ تَعْدِيَةُ حُكْمِهَا إِلَى الْفَرْعِ.
وَالْحُكْمُ: الشَّرْعِيُّ الْخَاصُّ بِالْأَصْلِ.
وَالْعِلَّةُ: الْجَامِعَةُ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ.
وَأَمَّا ثَمَرَتُهُ: فَحُكْمُ الْفَرْعِ فَإِنَّهُ إِذَا تَمَّ الْقِيَاسُ أَنْتَجَ حُكْمَ الْفَرْعِ، وَلَيْسَ حُكْمُ الْفَرْعِ مِنْ أَرْكَانِ الْقِيَاسِ ; إِذِ الْحُكْمُ فِي الْفَرْعِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى صِحَّةِ الْقِيَاسِ، فَلَوْ كَانَ رُكْنًا مِنْهُ لَتَوَقَّفَ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ مُحَالٌ.
وَعَلَى هَذَا فَشُرُوطُ الْقِيَاسِ لَا تَخْرُجُ عَنْ شُرُوطِ هَذِهِ الْأَرْكَانِ، فَمِنْهَا مَا يَعُودُ إِلَى الْأَصْلِ، وَمِنْهَا مَا يَعُودُ إِلَى الْفَرْعِ. وَمَا يَعُودُ إِلَى الْأَصْلِ: فَمِنْهَا مَا يَعُودُ إِلَى حُكْمِهِ، وَمِنْهَا مَا يَعُودُ إِلَى عِلَّتِهِ. فَلْنَرْسُمْ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِسْمًا (١)
(١) مِنْهُمَا: الصَّوَابُ مِنْهَا