للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْأَصْلُ الثَّانِي فِي حَقِيقَةِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ وَأَقْسَامِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنَ الْمَسَائِلِ]

[مُقَدَّمَةُ فِي بَيَانِ حَقِيقَةِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ وَأَقْسَامِهِ]

الْأَصْلُ الثَّانِي

فِي حَقِيقَةِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ وَأَقْسَامِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنَ الْمَسَائِلِ

وَيَشْتَمِلُ عَلَى مُقَدَّمَةٍ وَسِتَّةِ فُصُولٍ.

أَمَّا الْمُقَدَّمَةُ، فَفِي بَيَانِ حَقِيقَةِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ وَأَقْسَامِهِ.

أَمَّا حَقِيقَتُهُ، فَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْأُصُولِيِّينَ: إِنَّهُ عِبَارَةٌ عَنِ خِطَابِ الشَّارِعِ الْمُتَعَلِّقِ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ.

وَقِيلَ: إِنَّهُ عِبَارَةٌ عَنِ خِطَابِ الشَّارِعِ الْمُتَعَلِّقِ بِأَفْعَالِ الْعِبَادِ وَهُمَا فَاسِدَانِ ; لِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} ، وَقَوْلَهُ تَعَالَى: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} خِطَابُ الشَّارِعِ، وَلَهُ تَعَلُّقٌ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ وَالْعِبَادِ، وَلَيْسَ حُكْمًا شَرْعِيًّا بِالِاتِّفَاقِ. (١) وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ خِطَابِ الشَّارِعِ الْمُتَعَلِّقِ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ بِالِاقْتِضَاءِ أَوِ التَّخْيِيرِ، وَهُوَ غَيْرُ جَامِعٍ، فَإِنَّ الْعِلْمَ بِكَوْنِ أَنْوَاعِ الْأَدِلَّةِ حُجَجًا، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ بِالْمِلْكِ وَالْعِصْمَةِ وَنَحْوُهُ أَحْكَامٌ شَرْعِيَّةٌ، وَلَيْسَتْ عَلَى مَا قِيلَ. (٢) وَالْوَاجِبُ أَنْ نَعْرِفَ مَعْنَى الْخِطَابِ أَوَّلًا ضَرُورَةَ تَوَقُّفِ مَعْرِفَةِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ عَلَيْهِ فَنَقُولُ:

قَدْ قِيلَ فِيهِ: " هُوَ الْكَلَامُ الَّذِي يَفْهَمُ الْمُسْتَمِعُ مِنْهُ شَيْئًا " وَهُوَ غَيْرُ مَانِعٍ، فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْكَلَامُ الَّذِي لَمْ يَقْصِدِ الْمُتَكَلِّمُ بِهِ إِفْهَامَ الْمُسْتَمِعِ، فَإِنَّهُ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنَ الْحَدِّ وَلَيْسَ خِطَابًا.

وَالْحَقُّ أَنَّهُ " اللَّفْظُ الْمُتَوَاضَعُ عَلَيْهِ الْمَقْصُودُ بِهِ إِفْهَامُ مَنْ هُوَ مُتَهَيِّئٌ لِفَهْمِهِ ".

(فَاللَّفْظُ) احْتِرَازٌ عَمَّا وَقَعَتِ الْمُوَاضَعَةُ عَلَيْهِ مِنَ الْحَرَكَاتِ وَالْإِشَارَاتِ الْمُفْهِمَةِ.

و (الْمُتَوَاضَعُ عَلَيْهِ) احْتِرَازٌ عَنِ الْأَلْفَاظِ الْمُهْمَلَةِ.

وَ (الْمَقْصُودُ بِهَا الْإِفْهَامُ) احْتِرَازٌ عَمَّا وَرَدَ عَلَى الْحَدِّ الْأَوَّلِ.


(١) فَكُلٌّ مِنَ التَّعْرِيفَيْنِ غَيْرُ مَانِعٍ.
(٢) قَدْ يُقَالُ: إِنَّ مَا ذُكِرَ يَسْتَلْزِمُ طَلَبَ اعْتِقَادِ مُوجِبِهِ، وَيَسْتَدْعِي الْعَمَلَ بِهِ حَسَبَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ تَفْصِيلُ الْأَدِلَّةِ، فَكَانَ التَّعْرِيفُ جَامِعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>