للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ: أَنْ تَكُونَ حِكْمَةُ إِحْدَى الْعِلَّتَيْنِ قَدِ اخْتَلَّتِ احْتِمَالًا لِمَانِعٍ أَخَلَّ بِهَا دُونَ الْأُخْرَى، فَالَّتِي لَا يَخْتَلُّ حُكْمُهَا احْتِمَالًا أَوْلَى لِقُرْبِهَا إِلَى الظَّنِّ وَبُعْدِهَا عَنِ الْخَلَلِ وَالْخِلَافِ.

السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ: أَنْ تَكُونَ عِلَّةُ أَحَدِ الْقِيَاسَيْنِ أَفْضَى إِلَى تَحْصِيلِ مَقْصُودِهَا مِنَ الْأُخْرَى فَتَكُونُ أَوْلَى لِزِيَادَةِ مُنَاسَبَتِهَا بِسَبَبِ ذَلِكَ.

السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: أَنْ تَكُونَ عِلَّةُ أَحَدِ الْقِيَاسَيْنِ مُشِيرَةً إِلَى نَقِيضِ الْمَطْلُوبِ وَمُنَاسِبَةً لَهُ مِنْ وَجْهٍ بِخِلَافِ الْأُخْرَى، فَمَا لَا تَكُونُ مُنَاسِبَةً لِنَقِيضِ الْمَطْلُوبِ تَكُونُ أَوْلَى لِكَوْنِهَا أَظْهَرَ فِي إِفْضَائِهَا إِلَى حُكْمِهَا وَأَغْلَبَ عَلَى الظَّنِّ وَأَبْعَدَ عَنِ الِاضْطِرَابِ.

الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ: أَنْ تَكُونَ عِلَّةُ أَحَدِ الْقِيَاسَيْنِ مُتَضَمِّنَةً لِمَقْصُودٍ يَعُمُّ جَمِيعَ الْمُكَلَّفِينَ وَالْأُخْرَى مُتَضَمِّنَةً لِمَقْصُودٍ يَرْجِعُ إِلَى آحَادِهِمْ، فَالْأُولَى أَوْلَى لِعُمُومِ فَائِدَتِهَا.

التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ: أَنْ تَكُونَ عِلَّةُ أَحَدِ الْقِيَاسَيْنِ أَكْثَرَ شُمُولًا لِمَوَاقِعِ الْخِلَافِ مِنَ الْأُخْرَى، فَتَكُونُ أَوْلَى لِعُمُومِ فَائِدَتِهَا.

[التَّرْجِيحَاتُ الْعَائِدَةُ إِلَى الْفَرْعِ]

وَأَمَّا التَّرْجِيحَاتُ الْعَائِدَةُ إِلَى الْفَرْعِ فَأَرْبَعَةٌ:

الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ فَرْعُ أَحَدِ الْقِيَاسَيْنِ مُشَارِكًا لِأَصْلِهِ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ وَعَيْنِ الْعِلَّةِ، وَفَرْعُ الْآخَرِ مُشَارِكًا لِأَصْلِهِ فِي جِنْسِ الْحُكْمِ وَجِنْسِ الْعِلَّةِ، أَوْ جِنْسِ الْحُكْمِ وَعَيْنِ الْعِلَّةِ، أَوْ بِالْعَكْسِ، فَمَا الْمُشَارَكَةُ فِيهِ فِي عَيْنِ الْعِلَّةِ وَعَيْنِ الْحُكْمِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ التَّعْدِيَةَ بِاعْتِبَارِ الِاشْتِرَاكِ فِي الْمَعْنَى الْأَخَصِّ وَالْأَعَمِّ أَغْلَبُ عَلَى الظَّنِّ مِنَ الِاشْتِرَاكِ فِي الْمَعْنَى الْأَعَمِّ، وَعَلَى هَذَا فَالْمَعْنَى فَمَا الْمُشَارَكَةُ فِيهِ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ فِي عَيْنِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ إِمَّا الْحُكْمِ أَوِ الْعِلَّةِ، تَكُونُ أَوْلَى مِمَّا الْمُشَارَكَةُ فِيهِ بَيْنَ أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ فِي جِنْسِ الْأَمْرَيْنِ، وَإِنْ كَانَ فَرْعُ أَحَدِهِمَا مُشَارِكًا لِأَصْلِهِ فِي عَيْنِ الْعِلَّةِ وَجِنْسِ الْحُكْمِ وَالْآخَرِ بِعَكْسِهِ، فَمَا الْمُشَارَكَةُ فِيهِ فِي عَيْنِ الْعِلَّةِ وَجِنْسِ الْحُكْمِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ تَعْدِيَةَ الْحُكْمِ مِنَ الْأَصْلِ إِلَى الْفَرْعِ إِنَّمَا هِيَ فَرْعُ تَعْدِيَةِ الْعِلَّةِ، فَهِيَ الْأَصْلُ فِي التَّعْدِيَةِ وَعَلَيْهَا الْمَدَارُ.

الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْفَرْعُ فِي أَحَدِ الْقِيَاسَيْنِ مُتَأَخِّرًا عَنْ أَصْلِهِ وَفِي الْآخَرِ مُتَقَدِّمًا، فَمَا الْفَرْعُ فِيهِ مُتَأَخِّرٌ أَوْلَى لِسَلَامَتِهِ عَنِ الِاضْطِرَابِ وَبُعْدِهِ عَنِ الْخِلَافِ وَعَلِمْنَا بِثُبُوتِ الْحُكْمِ فِيهِ بِمَا اسْتُنْبِطَ مِنَ الْأَصْلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>