للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الصِّنْفُ التَّاسِعُ فِي الظَّاهِرِ وَتَأْوِيلِهِ]

[مُقَدِّمَةُ فِي تَحْقِيقِ مَعْنَى الظَّاهِرِ وَالتَّأْوِيلِ]

وَيَشْتَمِلُ عَلَى مُقَدِّمَةٍ وَمَسَائِلَ.

أَمَّا الْمُقَدِّمَةُ: فَفِي تَحْقِيقِ مَعْنَى الظَّاهِرِ وَالتَّأْوِيلِ.

أَمَّا الظَّاهِرُ فَهُوَ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنِ الْوَاضِحِ الْمُنْكَشِفِ وَمِنْهُ يُقَالُ: ظَهَرَ الْأَمْرُ الْفُلَانِيُّ، إِذَا اتَّضَحَ وَانْكَشَفَ، وَفِي لِسَانِ الْمُتَشَرِّعَةِ قَالَ الْغَزَالِيُّ: اللَّفْظُ الظَّاهِرُ هُوَ الَّذِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ فَهُمْ مَعْنًى مِنْهُ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ، وَهُوَ غَيْرُ جَامِعٍ مَعَ اشْتِمَالِهِ عَلَى زِيَادَةٍ مُسْتَغْنًى عَنْهَا.

أَمَّا أَنَّهُ غَيْرُ جَامِعٍ، فَلِأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُ مَا فِيهِ أَصْلُ الظَّنِّ دُونَ غَلَبَةِ الظَّنِّ مَعَ كَوْنِهِ ظَاهِرًا.

وَلِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ قَوْلِ الْقَائِلِ: ظَنٌّ، وَغَلَبَةُ ظَنٍّ، وَلِأَنَّ غَلَبَةَ الظَّنِّ مَا فِيهِ أَصْلُ الظَّنِّ وَزِيَادَةٌ.

وَأَمَّا اشْتِمَالُهُ عَلَى الزِّيَادَةِ الْمُسْتَغْنَى عَنْهَا فَهِيَ قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ) فَإِنَّ مِنْ ضَرُورَةِ كَوْنِهِ مُفِيدًا لِلظَّنِّ أَنْ لَا يَكُونَ قَطْعِيًّا.

وَالْحَقُّ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: اللَّفْظُ الظَّاهِرُ مَا دَلَّ عَلَى مَعْنًى بِالْوَضْعِ الْأَصْلِيِّ، أَوِ الْعُرْفِيِّ، وَيُحْتَمَلُ غَيْرُهُ احْتِمَالًا مَرْجُوحًا.

وَإِنَّمَا قُلْنَا (مَا دَلَّ عَلَى مَعْنًى بِالْوَضْعِ الْأَصْلِيِّ أَوِ الْعُرْفِيِّ) احْتِرَازًا عَنْ دَلَالَتِهِ عَلَى الْمَعْنَى الثَّانِي، إِذَا لَمْ يَصِرْ عُرْفِيًّا، كَلَفْظِ الْأَسَدِ فِي الْإِنْسَانِ وَغَيْرِهِ.

وَقَوْلُنَا (وَيُحْتَمَلُ غَيْرُهُ) احْتِرَازٌ عَنِ الْقَاطِعِ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ.

وَقَوْلُنَا (احْتِمَالًا مَرْجُوحًا) احْتِرَازٌ عَنِ الْأَلْفَاظِ الْمُشْتَرَكَةِ.

وَهُوَ مُنْقَسِمٌ إِلَى مَا هُوَ ظَاهِرٌ بِحُكْمِ الْوَضْعِ الْأَصْلِيِّ، كَإِطْلَاقِ لَفْظِ الْأَسَدِ بِإِزَاءِ الْحَيَوَانِ الْمَخْصُوصِ، وَإِلَى مَا هُوَ ظَاهِرٌ بِحُكْمِ عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ، كَإِطْلَاقِ لَفْظِ الْغَائِطِ بِإِزَاءِ الْخَارِجِ الْمَخْصُوصِ مِنَ الْإِنْسَانِ.

وَأَمَّا التَّأْوِيلُ فَفِي اللُّغَةِ مَأْخُوذٌ مِنْ آلَ يَئُولُ، أَيْ رَجَعَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى {وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} أَيْ مَا يَئُولُ إِلَيْهِ، وَمِنْهُ يُقَالُ: تَأَوَّلَ فُلَانٌ الْآيَةَ الْفُلَانِيَّةَ، أَيْ نَظَرَ إِلَى مَا يَئُولُ إِلَيْهِ مَعْنَاهَا.

وَأَمَّا فِي اصْطِلَاحِ الْمُتَشَرِّعَةِ قَالَ الْغَزَالِيُّ: التَّأْوِيلُ عِبَارَةٌ عَنِ احْتِمَالٍ يُعَضِّدُهُ دَلِيلٌ يَصِيرُ بِهِ أَغْلَبَ عَلَى الظَّنِّ مِنَ الْمَعْنَى الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الظَّاهِرُ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>