للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ فِي بَيَانِ الدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ وَأَقْسَامِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ أَحْكَامِهِ]

[مُقَدِّمَةُ فِي بَيَانِ الدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ وَأَقْسَامِهِ]

الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ

فِي بَيَانِ الدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ وَأَقْسَامِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ أَحْكَامِهِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى مُقَدِّمَةٍ وَأُصُولٍ أَمَّا الْمُقَدِّمَةُ فَفِي بَيَانِ الدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ وَأَقْسَامِهِ.

فَنَقُولُ: كَمَا بَيَّنَّا فِي الْقَاعِدَةِ الْأُولَى حَدَّ الدَّلِيلِ وَانْقِسَامَهُ إِلَى عَقْلِيٍّ وَشَرْعِيٍّ.

وَلَيْسَ مِنْ غَرَضِنَا هَاهُنَا تَعْرِيفُ الدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ بَلِ الشَّرْعِيِّ.

وَالْمُسَمَّى بِالدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ مُنْقَسِمٌ إِلَى مَا هُوَ صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ وَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ وَإِلَى مَا ظُنَّ أَنَّهُ دَلِيلٌ صَحِيحٌ، وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ.

أَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ فَهُوَ خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ.

وَذَلِكَ أَنَّهُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ وَارِدًا مِنْ جِهَةِ الرَّسُولِ أَوْ لَا مِنْ جِهَتِهِ.

فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ، فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ قَبِيلِ مَا يُتْلَى، أَوْ مِنْ قَبِيلِ مَا لَا يُتْلَى.

فَإِنْ كَانَ مِنْ قَبِيلِ مَا يُتْلَى فَهُوَ الْكِتَابُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ قَبِيلِ مَا لَا يُتْلَى فَهُوَ السُّنَّةُ.

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِدًا مِنْ جِهَةِ الرَّسُولِ فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يُشْتَرَطَ فِيهِ عِصْمَةُ مَنْ صَدَرَ عَنْهُ، أَوْ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَهُوَ الْإِجْمَاعُ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ تَكُونَ صُورَتُهُ بِحَمْلِ مَعْلُومٍ عَلَى مَعْلُومٍ فِي حُكْمٍ بِنَاءً عَلَى جَامِعٍ، أَوْ لَا يَكُونَ كَذَلِكَ.

فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ، فَهُوَ الْقِيَاسُ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ، فَهُوَ الِاسْتِدْلَالُ.

وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ، فَهُوَ دَلِيلٌ لِظُهُورِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ عِنْدَنَا بِهِ.

وَالْأَصْلُ فِيهَا إِنَّمَا هُوَ الْكِتَابُ ; لِأَنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُشَرِّعِ لِلْأَحْكَامِ، وَالسُّنَّةُ مُخْبِرَةٌ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى وَحُكْمِهِ، وَمُسْتَنَدِ الْإِجْمَاعِ فَرَاجِعٌ إِلَيْهِمَا.

وَأَمَّا الْقِيَاسُ وَالِاسْتِدْلَالُ، فَحَاصِلُهُ يَرْجِعُ إِلَى التَّمَسُّكِ بِمَعْقُولِ النَّصِّ أَوِ الْإِجْمَاعِ فَالنَّصُّ وَالْإِجْمَاعُ أَصْلٌ، وَالْقِيَاسُ وَالِاسْتِدْلَالُ فَرْعٌ تَابِعٌ لَهُمَا.

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي، وَهُوَ مَا ظُنَّ أَنَّهُ دَلِيلٌ وَلَيْسَ بِدَلِيلٍ، فَكَشَرْعِ مَنْ قَبْلَنَا وَمَذْهَبِ الصَّحَابِيِّ، وَالِاسْتِحْسَانِ وَالْمُصْلِحَةِ الْمُرْسَلَةِ عَلَى مَا الْكَلَامُ فِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>