للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ كَانَ مُسَاوِيًا لَهُ فَالْحُكْمُ فِي عُمُومِهِ وَخُصُوصِهِ عِنْدَ كَوْنِ السُّؤَالِ عَامًّا أَوْ خَاصًّا، فَكَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَقِلًّا.

وَمِثَالُهُ عِنْدَ كَوْنِ السُّؤَالِ خَاصًّا سُؤَالُ الْأَعْرَابِيِّ عَنْ وَطْئِهِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «اعْتِقْ رَقَبَةً» " (١) ، وَمِثَالُهُ عِنْدَ كَوْنِ السُّؤَالِ عَامًّا مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ سُئِلَ فَقِيلَ لَهُ: " إِنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ عَلَى أَرْمَاثٍ لَنَا، (٢) وَلَيْسَ مَعَنَا مِنَ الْمَاءِ الْعَذْبِ مَا يَكْفِينَا، أَفَنَتَوَضَّأُ بِمَاءِ الْبَحْرِ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " الْبَحْرُ هُوَ الطَّهُورُ» ".

وَأَمَّا إِنْ كَانَ الْجَوَابُ أَخَصَّ مِنَ السُّؤَالِ فَالْجَوَابُ يَكُونُ خَاصًّا، وَلَا يَجُوزُ تَعَدِّيهِ الْحُكْمَ مِنْ مَحَلِّ التَّنْصِيصِ إِلَى غَيْرِهِ إِلَّا بِدَلِيلٍ خَارِجٍ عَنِ اللَّفْظِ، إِذِ اللَّفْظُ لَا عُمُومَ لَهُ كَمَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ، بَلْ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْحُكْمُ بِالْخُصُوصِ أَوْلَى مِنَ الْقَوْلِ بِهِ فِيمَا إِذَا كَانَ السُّؤَالُ خَاصًّا، وَالْجَوَابُ مُسَاوِيًا لَهُ حَيْثُ إِنَّهُ هَاهُنَا عَدَلَ عَنْ مُطَابَقَةِ سُؤَالِ السَّائِلِ بِالْجَوَابِ مَعَ دَعْوَى الْحَاجَةِ إِلَيْهِ، بِخِلَافِ تِلْكَ الصُّورَةِ، فَإِنَّهُ طَابَقَ بِجَوَابِهِ سُؤَالَ السَّائِلِ.

وَأَمَّا إِنْ كَانَ الْجَوَابُ أَعَمَّ مِنَ السُّؤَالِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَعَمَّ مِنَ السُّؤَالِ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ، كَسُؤَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ مَاءِ بِئْرِ بُضَاعَةَ فَقَالَ: " «خُلِقَ الْمَاءُ طَهُورًا لَا يُنَجِّسُهُ إِلَّا مَا غَيَّرَ طَعْمَهُ أَوْ رِيحَهُ أَوْ لَوْنَهُ» " أَوْ أَنَّهُ (٣) أَعَمُّ مِنَ السُّؤَالِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْحُكْمِ كَسُؤَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ التَّوَضُّؤِ بِمَاءِ الْبَحْرِ فَقَالَ: " «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» " (٤) .


(١) إِشَارَةً إِلَى مَا رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ أَفْسَدَ صَوْمَهُ بِجِمَاعٍ، لَكِنَّ الْمُؤَلِّفَ اقْتَصَرَ مِنْهُ عَلَى مَوْضِعِ الشَّاهِدِ مَعَ التَّصَرُّفِ فِي حِكَايَةِ سَبَبِ الْوَاقِعَةِ.
(٢) إِشَارَةً إِلَى مَا رَوَاهُ الْخَمْسَةُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَالَ فِيهِ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَقَدْ رُوِيَ بِعِبَارَاتٍ عِدَّةٍ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ فِي كُلٍّ مِنْهَا مَقَالٌ، لَكِنْ مَعْنَاهُ صَحِيحٌ وَقَدْ تُلُقِّيَ بِالْقَبُولِ، انْظُرِ الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي تَلْخِيصِ الْحَبِيرِ
(٣) الْحَدِيثُ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَلَفْظِ التِّرْمِذِيِّ: " إِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لَا يَبْخَسُهُ شَيْءٌ " وَقَدْ تَصَرَّفَ الْآمِدِيُّ فِي مَتْنِهِ وَزَادَ فِيهِ: " إِلَّا مَا غَيَّرَ طَعْمَهُ أَوْ رِيحَهُ أَوْ لَوْنَهُ " وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ لَا تَصِحُّ رِوَايَةً، وَلَكِنَّهَا مُجْمَعٌ عَلَى مَعْنَاهَا، وَبِالْإِجْمَاعِ اسْتَدَلَّ الْعُلَمَاءُ عَلَى بِخَاسَّةِ الْمَاءِ بِتَغَيُّرِ لَوْنِهِ أَوْ طَعْمِهِ أَوْ رِيحِهِ بِنَجَاسَةٍ، انْظُرْ تَلْخِيصَ الْحَبِيرِ
(٤) إِشَارَةً إِلَى مَا رَوَاهُ الْخَمْسَةُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَالَ فِيهِ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَقَدْ رُوِيَ بِعِبَارَاتٍ عِدَّةٍ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ فِي كُلٍّ مِنْهَا مَقَالٌ، لَكِنَّ مَعْنَاهُ صَحِيحٌ وَقَدْ تُلُقِّيَ بِالْقَبُولِ، انْظُرِ الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي تَلْخِيصِ الْحَبِيرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>