للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ دَاخِلًا فِي التَّعْلِيلِ لِمَا فِيهِ مِنْ إِلْغَاءِ مَا عَلَّلَ بِهِ الْمُسْتَدِلُّ فِي الْفَرْعِ بِتَخَلُّفِ الْحُكْمِ عَنْهُ مَعَ رُجْحَانِهِ، ضَرُورَةَ انْتِفَاءِ الْوَصْفِ الْمَرْجُوحِ.

وَهَاهُنَا تَرْجِيحٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْوَصْفَيْنِ فِي الْأَصْلِ الْمُسْتَنْبَطِ مِنْهُ مُتَعَدِّيًا وَالْآخَرُ قَاصِرًا.

وَذَلِكَ لَا يَخْلُو: إِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي طَرَفِ الْإِثْبَاتِ أَوِ النَّفْيِ، فَإِنْ كَانَ فِي طَرَفِ الْإِثْبَاتِ؛ فَلَا يَخْلُو: إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْوَصْفُ الْمُتَعَدِّي جُزْءًا مِنَ الْعِلَّةِ، أَوْ خَارِجًا عَنْهَا بِأَنْ يَكُونَ الْمُعَارِضُ فِي الْأَصْلِ بِالْوَصْفِ الْقَاصِرِ لَا غَيْرَ، فَإِنْ كَانَ خَارِجًا عَنْهَا، فَلَا يَخْلُو: إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْوَصْفُ الْمُتَعَدِّي مُسَاوِيًا لِلْقَاصِرِ فِي جِهَةِ اقْتِضَائِهِ أَوْ أَنَّ التَّرْجِيحَ لِأَحَدِهِمَا، فَإِنْ كَانَ مُسَاوِيًا لِلْقَاصِرِ مِنْ جِهَةِ الِاقْتِضَاءِ، فَالتَّعْلِيلُ بِالْمُتَعَدِّي أَوْلَى، وَبَيَانُهُ مِنْ جِهَةِ الْإِجْمَالِ وَالتَّفْصِيلِ.

أَمَّا الْإِجْمَالُ: فَهُوَ أَنَّ التَّعْلِيلَ بِالْمُتَعَدِّي مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ التَّعْلِيلِ بِالْقَاصِرِ، وَالتَّعْلِيلُ بِالْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ أَوْلَى.

وَأَمَّا التَّفْصِيلُ: فَهُوَ أَنَّ فَائِدَةَ الْمُتَعَدِّي أَكْثَرُ مِنَ الْقَاصِرِ؛ لِأَنَّ فَائِدَةَ الْقَاصِرِ إِنَّمَا هِيَ فِي ظُهُورِ الْحِكْمَةِ الْبَاعِثَةِ فِي الْأَصْلِ لِسُرْعَةِ الِانْقِيَادِ وَسُهُولَةِ الْقَبُولِ، وَالْمُتَعَدِّي مُشَارِكٌ لِلْقَاصِرِ فِي هَذَا الْمَعْنَى، وَزِيَادَةُ التَّعْرِيفِ لِلْحُكْمِ فِي الْفَرْعِ، وَهُوَ أَعْظَمُ فَوَائِدِ الْعِلَّةِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، وَهُوَ وَإِنْ لَزِمَ مِنَ التَّعْلِيلِ بِهِ إِهْمَالُ الْمُنَاسِبِ الْقَاصِرِ فَمُقَابَلٌ بِمِثْلِهِ، حَيْثُ إِنَّهُ يَلْزَمُ مِنَ التَّعْلِيلِ بِالْقَاصِرِ إِهْمَالُ الْمُنَاسِبِ الْمُتَعَدِّي مَعَ كَوْنِهِ رَاجِحًا.

وَالتَّعْلِيلُ بِالْقَاصِرِ وَإِنْ كَانَ عَلَى وَفْقِ النَّفْيِ الْأَصْلِيِّ فِي الْفَرْعِ، وَالتَّعْلِيلُ بِالْمُتَعَدِّي عَلَى خِلَافِهِ إِلَّا أَنَّهُ مُخَالَفَةٌ لِمَا وَقَعَتْ مُخَالَفَتُهُ فِي الْأَصْلِ بِمَا لَمْ تَظْهَرْ مُخَالَفَتُهُ وَلَوْ عَمِلْنَا بِالْقَاصِرِ لِمُوَافَقَةِ النَّفْيِ الْأَصْلِيِّ؛ لَكَانَ فِيهِ الْعَمَلُ بِمُوَافَقَةِ مَا وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى مُخَالَفَتِهِ وَمُخَالَفَةِ مَا لَمْ يَقَعِ الِاتِّفَاقُ عَلَى مُخَالَفَتِهِ، وَهُوَ الْوَصْفُ الْمُتَعَدِّي فَكَانَ مَرْجُوحًا.

فَإِنْ قِيلَ: إِلَّا أَنَّ التَّعْلِيلَ بِالْوَصْفِ الْمُتَعَدِّي يَلْزَمُ مِنْهُ مُخَالَفَةُ مَا لَمْ يُتَّفَقْ عَلَى مُخَالَفَتِهِ مِنَ الْوَصْفِ الْقَاصِرِ، وَمَا اتُّفِقَ عَلَى مُخَالَفَتِهِ مِنَ النَّفْيِ الْأَصْلِيِّ، فَكَانَ فِيهِ مُخَالَفَةٌ ظَاهِرَيْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>