للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَوْنِهِ قِيَاسًا فَإِنَّمَا يَلْزَمُ أَنْ لَوْ كَانَ تَقْرِيرُ السَّبَبِيَّةِ وَالْمَانِعِيَّةِ وَالشَّرْطِيَّةِ لَا يَكُونُ إِلَّا بِمَا ذَكَرُوهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِلَازِمٍ لِإِمْكَانِ تَقْرِيرِهِ بِنَصٍّ يَدُلُّ عَلَيْهِ أَوْ إِجْمَاعٍ.

وَالثَّابِتُ بِالنَّصِّ أَوِ الْإِجْمَاعِ لَا يَكُونُ نَصًّا وَلَا إِجْمَاعًا كَمَا تَقَرَّرَ قَبْلُ، وَالِاعْتِرَاضَاتُ الْوَارِدَةُ عَلَى طَرِيقِ تَقْرِيرِهِ وَوُجُوهُ الِانْفِصَالِ عَنْهَا غَيْرُ خَافِيَةٍ.

وَمِنْهَا نَفْيُ الْحُكْمِ لِانْتِفَاءِ مَدَارِكِهِ، كَقَوْلِهِمُ: الْحُكْمُ يَسْتَدْعِي دَلِيلًا، وَلَا دَلِيلَ فَلَا حُكْمَ، أَمَّا أَنَّهُ يَسْتَدْعِي دَلِيلًا فَبِالضَّرُورَةِ.

وَأَمَّا أَنَّهُ لَا دَلِيلَ، فَلَا يَدُلُّ عَلَيْهِ سِوَى الْبَحْثِ وَالسَّبْرِ، وَإِنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا الْعَدَمُ، وَطَرِيقُ الِاعْتِرَاضِ بِإِبْدَاءِ مَا يَصْلُحُ دَلِيلًا مِنْ نَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ أَوِ اسْتِدْلَالٍ.

وَجَوَابُهُ بِالْقَدْحِ فِي الدَّلِيلِ الْمَذْكُورِ بِمَا يُسَاعِدُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ عَلَى حَسَبِهِ وَلَا يَخْفَى.

وَقَدْ تَرِدُ عَلَيْهِ أَسْئِلَةٌ كَثِيرَةٌ أَوْرَدْنَاهَا فِي كِتَابِ " الْمُؤَاخِذَاتِ " وَقَرَّرْنَاهَا اعْتِرَاضًا وَانْفِصَالًا، فَعَلَيْكَ بِالِالْتِفَاتِ إِلَيْهَا.

وَمِنْهَا الدَّلِيلُ الْمُؤَلَّفُ مِنْ تَسْلِيمِهَا لَذَاتِهَا أَقْوَالٌ يَلْزَمُ مِنْ تَسْلِيمِهَا لِذَاتِهَا تَسْلِيمُ قَوْلٍ آخَرَ، وَذَلِكَ الْقَوْلُ اللَّازِمُ إِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ وَلَا نَقِيضُهُ مَذْكُورًا فِيمَا لَزِمَ عَنْهُ بِالْفِعْلِ أَوْ هُوَ مَذْكُورٌ فِيهِ (١) .

فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ، فَيُسَمَّى اقْتِرَانِيًّا، وَأَقَلُّ مَا يَتَرَكَّبُ مِنْ مُقَدِّمَتَيْنِ وَلَا يَزِيدُ عَلَيْهِمَا، وَكُلُّ مُقَدِّمَةٍ تَشْتَمِلُ عَلَى مُفْرَدَيْنِ، الْوَاحِدُ مِنْهُمَا مُكَرَّرٌ فِي الْمُقَدِّمَتَيْنِ، وَيُسَمَّى " حَدًّا أَوْسَطَ " وَالْمُفْرَدَانِ الْآخَرَانِ اللَّذَانِ بِهِمَا افْتِرَاقُ الْمُقَدِّمَتَيْنِ مِنْهُمَا يَكُونُ الْمَطْلُوبُ اللَّازِمَ، وَيُسَمَّى أَحَدُهُمَا وَهُوَ مَا كَانَ مَحْكُومٌ بِهِ فِي الْمَطْلُوبِ " حَدًّا أَكْبَرَ " وَمَا كَانَ مِنْهُمَا مَحْكُومًا عَلَيْهِ فِي الْمَطْلُوبِ يُسَمَّى " حَدًّا أَصْغَرَ " وَالْمُقَدِّمَةُ الَّتِي فِيهَا الْحَدُّ الْأَكْبَرُ " كُبْرَى " وَالَّتِي فِيهَا الْحَدُّ الْأَصْغَرُ " صُغْرَى ".

ثُمَّ هَيْئَةُ الْحَدِّ الْأَوْسَطِ فِي نِسْبَتِهِ إِلَى الْحَدَّيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ تُسَمَّى " شَكْلًا " (٢)


(١) عَرَّفَ الْقِيَاسَ عِنْدَ الْمَنَاطِقَةِ ثُمَّ قَسَمَهُ قِسْمَيْنِ: الْأَوَّلُ مَا لَمْ تُذْكَرِ النَّتِيجَةُ وَلَا نَقِيضُهَا فِيهِ بِالْفِعْلِ، وَيُسَمَّى قِيَاسًا اقْتِرَانِيًّا، وَالثَّانِي مَا ذُكِرَتِ النَّتِيجَةُ أَوْ نَقِيضُهَا فِيهِ بِالْفِعْلِ وَيُسَمَّى قِيَاسًا اسْتِثْنَائِيًّا، ثُمَّ فَصَّلَ الْقَوْلَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مَعَ الْأَمْثِلَةِ.
(٢) هَذَا تَعْرِيفٌ لِلشَّكْلِ بِأَنَّهُ الْهَيْئَةُ الْحَاصِلَةُ مِنِ اجْتِمَاعِ الْمُقَدِّمَةِ الصُّغْرَى مَعَ الْمُقَدِّمَةِ الْكُبْرَى بِاعْتِبَارِ مَوْضِعِ طَرَفَيِ الْمَطْلُوبِ مِنَ الْحَدِّ الْوَسَطِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>