للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا الْجَوَازُ الْعَقْلِيُّ فَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا دَلَّلْنَا بِهِ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ فِي حَقِّ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ.

وَأَمَّا بَيَانُ الْوُقُوعِ: أَمَّا فِي حَضْرَتِهِ فَيَدُلُّ عَلَيْهِ «قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي حَقِّ أَبِي قَتَادَةَ حَيْثُ قَتَلَ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَأَخَذَ سَلَبَهُ غَيْرُهُ: لَا نَقْصِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أَسَدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَنُعْطِيكَ سَلَبَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " صَدَقَ وَصُدِّقَ فِي فَتْوَاهُ» " (١) وَلَمْ يَكُنْ قَالَ ذَلِكَ بِغَيْرِ الرَّأْيِ وَالِاجْتِهَادِ.

وَأَيْضًا مَا رُوِيَ «عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ حَكَّمَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ، فَحَكَمَ بِقَتْلِهِمْ وَسَبْيِ ذَرَارِيِّهِمْ بِالرَّأْيِ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " لَقَدْ حَكَمْتَ بِحُكْمِ اللَّهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعَةِ أَرْقِعَةٍ» ". (٢) وَأَيْضًا مَا رُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ «أَمَرَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَعُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ أَنْ يَحْكُمَا بَيْنَ خَصْمَيْنِ وَقَالَ لَهُمَا: " إِنْ أَصَبْتُمَا فَلَكُمَا عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَإِنْ أَخْطَأْتُمَا فَلَكُمَا حَسَنَةٌ وَاحِدَةٌ» ". (٣) وَأَمَّا فِي غَيْبَتِهِ فَيَدُلُّ عَلَيْهِ قِصَّةُ مُعَاذٍ وَعَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ حِينَ بَعَثَهُمَا قَاضِيَيْنِ إِلَى الْيَمَنِ.


(١) جُزْءٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي قَتَادَةَ، إِلَّا أَنَّ الْمُؤَلِّفَ اقْتَصَرَ عَلَى مَحَلِّ الشَّاهِدِ وَتَصَرَّفَ فِي الْعِبَارَةِ وَنَصُّهَا: " فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقِ: لَاهَا اللَّهِ لَا يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَعَنْ رَسُولِهِ فَيُعْطِيكَ سَلَبَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَدَقَ فَأَعْطِهِ إِيَّاهُ " الْحَدِيثَ.
(٢) جُزْءٌ مِنْ حَدِيثٍ فِي قِصَّةِ بَنِي قُرَيْظَةَ وَمَا جَرَى مِنْهُمْ وَعَلَيْهِمْ، وَأَقْرَبُ الرِّوَايَاتِ إِلَى مَا ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ مَا نَقَلَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي فَتْحِ الْبَارِي قَالَ: وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ مِنْ مُرْسَلِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعَةِ أَرْقِعَةٍ اهـ.
(٣) تَحْكِيمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ قَالَ صَاحِبُ مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَهُ: وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ. وَتَحْكِيمُهُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْأَوْسَطِ، قَالَ صَاحِبُ مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ بَعْدَ ذَلِكَ: وَفِيهِ حَفْصُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَسَدِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ. انْظُرْ نَصَّ الرِّوَايَتَيْنِ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ فِي بَابِ اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ ; لِتَعْرِفَ مَدَى تَصَرُّفِ الْآمِدِيِّ فِيهِمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>