وَأَمَّا مَفْهُومُ الْمُخَالَفَةِ: فَإِنَّهُ يَتِمُّ بِتَقْدِيرِ عَدَمِ فَهْمِ الْمَقْصُودِ مِنَ الْحُكْمِ فِي مَحَلِّ النُّطْقِ، وَبِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ غَيْرَ مُتَحَقِّقٍ فِي مَحَلِّ السُّكُوتِ، وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مُعَارِضٌ فِي مَحَلِّ السُّكُوتِ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا يَتِمُّ عَلَى تَقْدِيرَاتٍ أَرْبَعَةٍ أَوْلَى مِمَّا لَا يَتِمُّ إِلَّا عَلَى تَقْدِيرٍ وَاحِدٍ.
الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: أَنْ تَكُونَ دَلَالَةُ أَحَدِهِمَا مِنْ قَبِيلِ دَلَالَةِ الِاقْتِضَاءِ، وَدَلَالَةُ الْآخَرِ مِنْ قَبِيلِ دَلَالَةِ الْإِشَارَةِ، فَدَلَالَةُ الِاقْتِضَاءِ أَوْلَى لِتَرَجُّحِهَا بِقَصْدِ الْمُتَكَلِّمِ لَهَا بِخِلَافِ دَلَالَةِ الْإِشَارَةِ.
الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ: أَنْ تَكُونَ دَلَالَةُ أَحَدِهِمَا مِنْ قَبِيلِ دَلَالَةِ الِاقْتِضَاءِ وَالْآخَرِ مِنْ قَبِيلِ دَلَالَةِ التَّنْبِيهِ وَالْإِيمَاءِ، فَدَلَالَةُ الِاقْتِضَاءِ أَوْلَى لِتَوَقُّفِ صِدْقِ الْمُتَكَلِّمِ أَوْ مَدْلُولِ مَنْطُوقِهِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ دَلَالَةِ التَّنْبِيهِ وَالْإِيمَاءِ.
السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ: أَنْ تَكُونَ دَلَالَةُ أَحَدِهِمَا مِنْ قَبِيلِ دَلَالَةِ الِاقْتِضَاءِ وَالْآخَرِ مِنْ قَبِيلِ دَلَالَةِ الْمَفْهُومِ، فَدَلَالَةُ الِاقْتِضَاءِ أَوْلَى لِوُقُوعِ الِاتِّفَاقِ عَلَيْهَا وَوُقُوعِ الْخِلَافِ فِي مُقَابِلِهَا، وَلِأَنَّ مَا يَعْتَرِضُ دَلَالَةَ الِاقْتِضَاءِ مِنَ الْمُبْطِلَاتِ أَقَلُّ مِمَّا يَعْتَرِضُ الْمَفْهُومَ، وَبِهَذَا كَانَ مَا كَانَ مِنْ قَبِيلِ دَلَالَةِ التَّنْبِيهِ وَالْإِيمَاءِ مُقَدَّمًا عَلَى دَلَالَةِ الْمَفْهُومِ.
السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: أَنْ تَكُونَ دَلَالَةُ أَحَدِهِمَا مِنْ قَبِيلِ الْمَنْطُوقِ وَالْآخَرِ مِنْ دَلَالَةِ غَيْرِ الْمَنْطُوقِ، فَالْمَنْطُوقُ أَوْلَى لِظُهُورِ دَلَالَتِهِ وَبُعْدِهِ عَنِ الِالْتِبَاسِ بِخِلَافِ مُقَابِلِهِ.
الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا عَامًّا وَالْآخَرُ خَاصًّا، فَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ لِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّهُ أَقْوَى فِي الدَّلَالَةِ وَأَخَصُّ بِالْمَطْلُوبِ.
الثَّانِي: أَنَّ الْعَمَلَ بِالْعَامِّ يَلْزَمُ مِنْهُ إِبْطَالُ دَلَالَةِ الْخَاصِّ وَتَعْطِيلُهُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنَ الْعَمَلِ بِالْخَاصِّ تَعْطِيلُ الْعَامِّ بَلْ تَأْوِيلُهُ وَتَخْصِيصُهُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَحْذُورَ التَّعْطِيلِ فَوْقَ مَحْذُورِ التَّأْوِيلِ.
الثَّالِثُ: أَنَّ ضَعْفَ الْعُمُومِ بِسَبَبِ تَطَرُّقِ التَّخْصِيصِ إِلَيْهِ، وَضَعْفَ الْخُصُوصِ بِسَبَبِ تَأْوِيلِهِ وَصَرْفِهِ عَنْ ظَاهِرِهِ إِلَى مَجَازِهِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ تَطَرُّقَ التَّخْصِيصِ إِلَى