للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ مِنَ الْإِمَامَةِ، وَالْآيَةِ (١) الْمَذْكُورَةِ أَوَّلًا ; فَكَانَتْ أَقْوَالُهُمْ وَأَفْعَالُهُمْ حُجَّةً عَلَى غَيْرِهِمْ، بَلْ قَوْلُ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ ضَرُورَةَ عِصْمَتِهِ عَنِ الْخَطَأِ كَمَا فِي أَقْوَالِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَفْعَالِهِ.

وَالْجَوَابُ عَنِ التَّمَسُّكِ بِالْآيَةِ أَنَّهَا إِنَّمَا نَزَلَتْ فِي زَوْجَاتِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِقَصْدِ دَفْعِ التُّهْمَةِ عَنْهُنَّ وَامْتِدَادِ الْأَعْيُنِ بِالنَّظَرِ إِلَيْهِنَّ.

وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَوَّلُ الْآيَةِ وَآخِرُهَا وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} إِلَى قَوْلِهِ: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " «هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي» " لَا يُنَافِي كَوْنَ الزَّوْجَاتِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ الْآيَةُ الْمُخَاطِبَةُ لَهُمْ بِأَهْلِ الْبَيْتِ.

وَالْخَبَرُ وَهُوَ مَا رُوِيَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ «أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " أَلَسْتُ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ " قَالَ: " بَلَى إِنْ شَاءَ اللَّهُ» " (٢) .

فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: {لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} الزَّوْجَاتِ لَقَالَ: (عَنْكُنَّ) .

قُلْنَا: إِنَّمَا قَالَ (عَنْكُمْ) لِأَنَّ أَوَّلَ الْآيَةِ وَإِنْ كَانَ خِطَابًا مَعَ الزَّوْجَاتِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمَّا خَاطَبَهُنَّ بِأَهْلِ الْبَيْتِ أَدْخَلَ مَعَهُنَّ غَيْرَهُنَّ مِنَ الذُّكُورِ كَعَلِيٍّ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، فَجَاءَ بِخِطَابِ التَّذْكِيرِ ; لِأَنَّ الْجَمْعَ إِذَا اشْتَمَلَ عَلَى مُذَكَّرٍ وَمُؤَنَّثٍ غُلِّبَ جَمْعُ التَّذْكِيرِ، وَصَارَ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي حَقِّ زَوْجِةِ إِبْرَاهِيمَ: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ - قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ - قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ} فَكَانَ ذَلِكَ عَائِدًا إِلَيْهَا وَإِلَى مَنْ حَوَاهُ بَيْتُ إِبْرَاهِيمَ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى.


(١) الْآيَةِ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْإِمَامَةِ.
(٢) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مَا رَوِيَ مِنْ طَرِيقِهَا تَعْلِيقًا ص ٢٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>