وَالْمُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ الْإِجْمَاعُ وَالْمَعْقُولُ.
أَمَّا الْإِجْمَاعُ فَهُوَ أَنَّ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - احْتَجَّتْ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي مِيرَاثِهَا مِنْ أَبِيهَا بِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} الْآيَةَ مَعَ أَنَّهُ مُخَصَّصٌ بِالْكَافِرِ وَالْقَاتِلِ، وَلَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ صِحَّةَ احْتِجَاجِهَا مَعَ ظُهُورِهِ وَشُهْرَتِهِ، بَلْ عَدَلَ أَبُو بَكْرٍ فِي حِرْمَانِهَا إِلَى الِاحْتِجَاجِ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «نَحْنُ مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ» ".
وَأَيْضًا، فَإِنَّ عَلِيًّا (١) عَلَيْهِ السَّلَامُ احْتَجَّ عَلَى جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فِي الْمِلْكِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} مَعَ كَوْنِهِ مُخَصَّصًا بِالْأَخَوَاتِ وَالْبَنَاتِ، وَكَانَ ذَلِكَ مَشْهُورًا فِيمَا بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُوجَدْ لَهُ نَكِيرٌ فَكَانَ إِجْمَاعًا.
وَأَيْضًا فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ احْتَجَّ عَلَى تَحْرِيمِ نِكَاحِ الْمُرْضِعَةِ بِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} ، وَقَالَ: قَضَاءُ اللَّهِ أَوْلَى مِنْ قَضَاءِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، مَعَ أَنَّهُ مَخْصُوصٌ لِكَوْنِ الرَّضَاعِ الْمُحَرَّمِ مُتَوَقِّفًا عَلَى شُرُوطٍ وَقُيُودٍ، فَلَيْسَ كُلٌّ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ مُنْكِرٌ صِحَّةَ احْتِجَاجِهِ بِهِ فَكَانَ إِجْمَاعًا.
(١) عَلِيًّا - الصَّوَابُ: " عُثْمَانَ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute