للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الِاسْمَ الْمُشْتَرَكَ مَوْضُوعٌ لِأَحَدِ مُسَمَّيَاتِهِ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ حَقِيقَةً، وَلَيْسَ كَذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ، بَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْمَجْمُوعِ كَسَائِرِ الْأَلْفَاظِ الْعَامَّةِ، وَلِهَذَا فَإِنَّهُ إِذَا تَجَرَّدَ عَنِ الْقَرِينَةِ عِنْدَهُمَا وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى الْجَمِيعِ، وَإِنَّمَا فَارَقَ بَاقِي الْأَلْفَاظِ الْعَامَّةِ مِنْ جِهَةِ تَنَاوُلِهِ لِأَشْيَاءَ لَا تَشْتَرِكُ فِي مَعْنًى وَاحِدٍ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَدْلُولًا لِلَّفْظِ، بِخِلَافِ بَاقِي الْعُمُومَاتِ فَنِسْبَةُ (١) اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ فِي دَلَالَتِهِ إِلَى جُمْلَةِ مَدْلُولَاتِهَا، وَإِلَى أَفْرَادِهَا كَنِسْبَةِ غَيْرِهِ مِنَ الْأَلْفَاظِ الْعَامَّةِ إِلَى مَدْلُولَاتِهَا جُمْلَةً وَأَفْرَادًا.

وَعَلَى هَذَا فَقَدْ بَطَلَ كُلُّ مَا قِيلَ مِنَ التَّقْسِيمِ الْمَبْنِيِّ عَلَى أَنَّ اللَّفْظَ الْمُشْتَرَكَ مَوْضُوعٌ لِأَحَدِ مُسَمَّيَاتِهِ عَلَى طَرِيقِ الْبَدَلِ حَقِيقَةً، ضَرُورَةَ كَوْنِهِ مَبْنِيًّا عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا هُوَ لَازِمٌ عَلَى مَشَايِخِ الْمُعْتَزِلَةِ الْمُعْتَقِدِينَ كَوْنَ اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ مَوْضُوعًا لِأَحَدِ مُسَمَّيَاتِهِ حَقِيقَةً عَلَى طَرِيقِ الْبَدَلِ.

فَإِنْ قِيلَ: وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ الْمُشْتَرَكُ حَقِيقَةً فِي الْجَمْعِ فَلَا خَفَاءَ بِجَوَازِ اسْتِعْمَالِهِ فِي آحَادِ مَدْلُولَاتِهِ عِنْدَ ظُهُورِ الْقَرِينَةِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا.

وَعِنْدَ ذَلِكَ فَاسْتِعْمَالُهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْأَفْرَادُ، فَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ حَقِيقَةً فِي الْإِفْرَادِ فَاللَّفْظُ يَكُونُ مُشْتَرَكًا وَلَمْ يَدْخُلْ فِيهِ جَمِيعُ مُسَمَّيَاتِهِ، وَإِنْ كَانَ مَجَازًا فَلَمْ تَدْخُلْ فِيهِ الْحَقِيقَةُ وَالْمَجَازُ مَعًا، وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِكُمْ، وَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهٍ يَدْخُلُ فِيهِ الْإِفْرَادُ فَهُوَ مُحَالٌ لِأَنَّ إِفَادَتَهُ لِلْمَجْمُوعِ مَعْنَاهَا أَنَّ الِاكْتِفَاءَ لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِهِ وَإِفَادَتَهُ لِلإِفْرَادِ مَعْنَاهَا أَنَّهُ يَحْصُلُ الِاكْتِفَاءُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا، وَهُوَ جَمْعٌ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ كَمَا سَبَقَ.

قُلْنَا: اسْتِعْمَالُهُ فِي الْأَفْرَادِ مَتَى يَكُونُ مَعْنَاهُ الِاكْتِفَاءُ بِهَا إِذَا كَانَتْ دَاخِلَةً فِي الْمَجْمُوعِ أَوْ إِذَا لَمْ تَكُنْ دَاخِلَةً فِيهِ؟ وَالْأَوَّلُ مَمْنُوعٌ، بَلْ مَعْنَى اسْتِعْمَالِهِ فِيهَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهَا.

وَالثَّانِي مُسَلَّمٌ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ التَّنَاقُضُ عَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ، أَمَّا عَلَى تَقْدِيرِ الْعَمَلِ بِاللَّفْظِ فِي آحَادِ أَفْرَادِهِ مَعَ الِاقْتِصَارِ عِنْدَ ظُهُورِ الْقَرِينَةِ فَلِأَنَّ الْجُمْلَةَ غَيْرُ مُشْتَرِطَةٍ فِي


(١) فَنِسْبَةُ إِلَخْ - تَفْرِيعٌ عَلَى وُجُوبِ حَمْلِ الْمُشْتَرَكِ اللَّفْظِيِّ عِنْدَ التَّجَرُّدِ مِنَ الْقَرَائِنِ عَلَى جَمِيعِ مَا وُضِعَ لَهُ، وَحَصْرِ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَلْفَاظِ الْعَامَّةِ فِيمَا ذُكِرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>