للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ قِيلَ: مَا ذَكَرْتُمُوهُ مُعَارَضٌ بِمَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ التَّشْرِيكِ بَيْنَهُمَا فِي أَصْلِ الْحُكْمِ، وَتَفْصِيلُهُ وَبَيَانُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ:

الْأَوَّلُ: أَنَّ حَرْفَ الْعَطْفِ يُوجِبُ جَعْلَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فِي حُكْمِ جُمْلَةٍ وَاحِدَةٍ، فَالْحُكْمُ عَلَى أَحَدِهِمَا يَكُونُ حُكْمًا عَلَى الْآخَرِ.

الثَّانِي: أَنَّ الْمَعْطُوفَ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ إِضْمَارِ حُكْمِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فِيهِ لِتَحَقُّقِ الْإِفَادَةِ.

وَعِنْدَ ذَلِكَ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يُقَالَ بِإِضْمَارِ كُلِّ مَا ثَبَتَ لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ لِلْمَعْطُوفِ أَوْ بَعْضِهِ، لَا جَائِزٌ أَنْ يُقَالَ بِالثَّانِي لِأَنَّ الْإِضْمَارَ إِمَّا لِبَعْضٍ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ.

الْقَوْلُ بِالتَّعْيِينِ مُمْتَنِعٌ إِذْ هُوَ غَيْرُ وَاقِعٍ مِنْ نَفْسِ الْعَطْفِ.

كَيْفَ وَإِنَّهُ لَيْسَ الْبَعْضُ أَوْلَى مِنَ الْبَعْضِ الْآخَرِ، وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ التَّعْيِينِ مُوجِبٌ لِلْإِبْهَامِ وَالْإِجْمَالِ فِي الْكَلَامِ، وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ فَلَمْ يَبْقَ سِوَى الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.

قُلْنَا: جَوَابُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْعَطْفَ يُوجِبُ جَعْلَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فِي حُكْمِ جُمْلَةٍ وَاحِدَةٍ فِيمَا فِيهِ الْعَطْفُ أَوْ فِي غَيْرِهِ، الْأَوَّلُ مُسَلَّمٌ وَالثَّانِي مَمْنُوعٌ، فَلِمَ قُلْتُمْ: إِنَّ مَا زَادَ عَلَى أَصْلِ الْحُكْمِ مُعْتَبَرٌ فِي الْعَطْفِ إِذْ هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ.

وَجَوَابُ الثَّانِي أَنْ نَقُولَ بِالتَّشْرِيكِ فِي أَصْلِ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ دُونَ صِفَتِهِ، وَهُوَ مَدْلُولُ اللَّفْظِ مِنْ غَيْرِ إِبْهَامٍ وَلَا إِجْمَالٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>