للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَوْلُهُ - تَعَالَى -: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً} اسْتَثْنَى الْخَطَأَ مِنَ الْقَتْلِ، وَلَيْسَ مِنْ جِنْسِهِ.

وَأَمَّا الشِّعْرُ: فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الْقَائِلِ مِنْهُمْ:

وَبَلْدَةٍ لَيْسَ بِهَا أَنِيسٌ ... إِلَّا الْيَعَافِيرُ وَإِلَّا الْعِيسُ (١) وَالْعِيسُ لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الْأَنِيسِ.

وَقَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ:

وَقَفَتْ فِيهَا أَصِيلًا لَا أُسَائِلُهَا ... عَيَّتْ جَوَابًا وَمَا بِالرَّبْعِ مِنْ أَحَدِ

إِلَّا أُوَارِيَّ لَأْيًا مَا أُبَيِّنُهَا ... وَالنُّؤْيَ كَالْحَوْضِ بِالْمَظْلُومَةِ الْجَلَدِ

وَالْأَوَارِيُّ لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الْأَحَدِ.

وَقَالَ:

وَلَا عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أَنَّ سُيُوفَهُمْ ... بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الْكَتَائِبِ (٢) وَلَيْسَ فُلُولُ السُّيُوفِ عَيْبًا لِأَرْبَابِهَا، بَلْ فَخَرًا لَهُمْ، وَقَدِ اسْتَثْنَاهَا مِنَ الْعُيُوبِ، وَلَيْسَتْ مِنْ جِنْسِهَا.

وَأَمَّا النَّثْرُ فَقَوْلُ الْعَرَبِ: مَا زَادَ إِلَّا مَا نَقَصَ، وَمَا بِالدَّارِ أَحَدٌ إِلَّا الْوَتِدُ، وَمَا جَاءَنِي زَيْدٌ إِلَّا عَمْرٌو.

اسْتَثْنَوُا النَّقْصَ مِنَ الزِّيَادَةِ وَالْوَتِدَ مِنْ أَحَدٍ، وَعَمْرًا مِنْ زِيدٍ، وَلَيْسَ مِنْ جِنْسِهِ.


(١) قَائِلُ الْبَيْتِ هُوَ عَامِرُ بْنُ الْحَارِثِ النَّمَرِيُّ الْمَعْرُوفُ بِجِرَانِ الْعَوْدِ (بِفَتْحِ الْعَيْنِ) لُقِّبَ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ يُخَاطِبُ امْرَأَتَيْهِ: خُذَا حَذَرًا يَا جَارَتَيْ فَإِنَّنِي - رَأَيْتُ جِرَانَ الْعَوْدِ قَدْ كَادَ يَصْلُحُ
. يَعْنِي أَنَّهُ كَانَ اتَّخَذَ مِنْ جِلْدِ الْعَوْدِ سَوْطًا يَضْرِبُ بِهِ نِسَاءَهُ، وَالْيَعَافِيرُ أَوْلَادُ الْبَقَرِ الْوَحْشِيَّةِ، وَالْعِيسُ: إِبِلٌ بِيضٌ يُخَالِطُ بَيَاضَهَا شُقْرَةٌ.
(٢) أَيِ النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ، وَاسْمُهُ زِيَادُ بْنُ مُعَاوِيَةَ أَبُو أُمَامَةَ الْغَطَفَانِيُّ الْمُضَرِيُّ، وَالْبَيْتُ مِنْ قَصِيدَةٍ يَمْدَحُ بِهَا عَمْرَو بْنَ الْحَارِثِ مَطْلَعُهَا: كِلِينِي لِهَمٍّ يَا أُمَيْمَةَ نَاصِبٍ - وَلَيْلٍ أُقَاسِيهِ بَطِيءُ الْكَوَاكِبِ
تَطَاوَلَ حَتَّى قُلْتُ لَيْسَ بِمُنْقَضٍ - وَلَيْسَ الَّذِي يَرْعَى النُّجُومَ بِآيِبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>