للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَلِكَ الْكَلَامُ فِي قَوْلِهِمْ (تَقَاتَلَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو) وَلَا يَلْزَمُ مِنَ التَّجَوُّزِ بِالْوَاوِ فِي غَيْرِ التَّرْتِيبِ أَنْ يُتَجَوَّزَ عَنْهُ بِالْفَاءِ وَثُمَّ ; إِذْ هُوَ غَيْرُ لَازِمٍ مَعَ اخْتِلَافِ الْحُرُوفِ.

وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ كَاذِبًا بِتَقْدِيرِ الْمَعِيَّةِ أَوْ تَقَدُّمِ الْمُتَأَخِّرِ فِي اللَّفْظِ لِإِمْكَانِ التَّجَوُّزِ بِهَا عَنِ الْجَمْعِ الْمُطْلَقِ، كَمَا لَوْ قَالَ: (رَأَيْتُ أَسَدًا) وَكَانَ قَدْ رَأَى إِنْسَانًا شُجَاعًا.

وَعَلَى الرَّابِعِ: أَنَّهُ إِذَا قَالَ: " رَأَيْتُ زَيْدًا وَعَمْرًا بَعْدَهُ " لَا يَكُونُ تَكْرِيرًا ; لِأَنَّهُ يَكُونُ مُفِيدًا لِامْتِنَاعِ حَمْلِهِ عَلَى الْجَمْعِ الْمُطْلَقِ لِاحْتِمَالِ تَوَهُّمِهِ بِجِهَةِ التَّجَوُّزِ، وَإِذَا قَالَ: (رَأَيْتُ زَيْدًا وَعَمْرًا قَبْلَهُ) لَا يَكُونُ تَنَاقُضًا لِكَوْنِهِ مُفِيدًا لِإِرَادَةِ جِهَةِ التَّجَوُّزِ.

وَعَلَى الْخَامِسِ: أَنَّهُ إِنَّمَا حَسُنَ الِاسْتِفْسَارُ لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لَهُ تَجَوُّزًا.

وَعَلَى السَّادِسِ: أَنَّهُ إِنَّمَا لَمْ يَجِبْ عَلَى الْعَبْدِ التَّرْتِيبُ نَظَرًا إِلَى قَرِينَةِ الْحَالِ الْمُقْتَضِيَةِ لِإِرَادَةِ جِهَةِ التَّجَوُّزِ حَتَّى إِنَّهُ لَوْ فُرِضَ عَدَمُ الْقَرِينَةِ لَقَدْ كَانَ ذَلِكَ مُوجِبًا لِلتَّرْتِيبِ.

فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَتْ " الْوَاوُ " حَقِيقَةً فِي التَّرْتِيبِ فَإِفَادَتُهَا لِلْجَمْعِ الْمُطْلَقِ عِنْدَ تَفْسِيرِهَا بِهِ، إِنْ كَانَ مَجَازًا فَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ، وَإِنْ كَانَ حَقِيقَةً فَيَلْزَمُ مِنْهُ الِاشْتِرَاكُ وَهُوَ أَيْضًا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ.

قُلْنَا: وَلَوْ كَانَتْ حَقِيقَةً فِي الْجَمْعِ الْمُطْلَقِ فَإِفَادَتُهَا لِلتَّرْتِيبِ عِنْدَ تَفْسِيرِهَا بِهِ، وَإِنْ كَانَ مَجَازًا فَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ، وَإِنْ كَانَ حَقِيقَةً كَانَ مُشْتَرَكًا وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ، وَلَيْسَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ.

فَإِنْ قِيلَ: بَلْ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوْلَى ; لِأَنَّهَا إِذَا كَانَتْ حَقِيقَةً فِي التَّرْتِيبِ خَلَا الْجَمْعِ الْمُطْلَقِ عَنْ حَرْفٍ يَخُصُّهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ، وَإِذَا كَانَتْ حَقِيقَةً فِي الْجَمْعِ الْمُطْلَقِ لَمْ يَخْلُ التَّرْتِيبُ عَنْ حَرْفٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ لِدَلَالَةِ (الْفَاءِ) وَ (ثُمَّ) عَلَيْهِ.

قُلْنَا: إِنَّمَا نَجْعَلُهَا حَقِيقَةً فِي التَّرْتِيبِ الْمُطْلَقِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ (الْفَاءِ) وَ (ثُمَّ) وَذَلِكَ مِمَّا لَا تَدُلُّ عَلَيْهِ (الْفَاءُ) وَ (ثُمَّ) دَلَالَةً مُطَابِقَةً، بَلْ إِمَّا بِجِهَةِ التَّضَمُّنِ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>