وَأَمَّا التَّفْصِيلُ: فَهُوَ أَنَّ لَفْظَ الْيَدِ، وَإِنْ أُطْلِقَ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ مِنَ الِاحْتِمَالَاتِ إِلَّا أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي جُمْلَةِ الْعُضْوِ إِلَى الْمَنْكِبِ، وَمَجَازٌ فِيمَا عَدَاهُ.
وَدَلِيلُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ، إِذَا أُبِينَتِ الْيَدُ مِنَ الْمِرْفَقِ أَوْ مِنَ الْكُوعِ: هَذَا بَعْضُ الْيَدِ لَا كُلُّهَا.
وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ حَقِيقَةً مِنْ وَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ مُسَمَّى الْيَدِ حَقِيقَةٌ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ بَعْضُ الْيَدِ.
وَالثَّانِي: صِحَّةُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَيْسَ كُلَّ الْيَدِ وَلَوْ كَانَ مُسَمَّى الْيَدِ حَقِيقَةً، لَمَا صَحَّ نَفْيُهُ.
وَأَمَّا لَفْظُ الْقَطْعِ فَحَقِيقَةٌ فِي إِبَانَةِ الشَّيْءِ عَمَّا كَانَ مُتَّصِلًا بِهِ.
فَإِذَا أُضِيفَ الْقَطْعُ إِلَى الْيَدِ، وَكَانَ مُسَمَّى الْيَدِ حَقِيقَةً فِي جُمْلَتِهَا إِلَى الْكُوعِ، وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى إِبَانَةِ مُسَمَّى الْيَدِ، وَهُوَ جُمْلَتُهَا، وَحَيْثُ أُطْلِقَ قَطْعُ الْيَدِ عِنْدَ إِبَانَةِ بَعْضِ أَجْزَائِهَا عَنْ بَعْضٍ لَا يَكُونُ حَقِيقَةً، بَلْ تَجَوُّزًا.
فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا ذَكَرْتُمُوهُ لَمَا وَجَبَ الِاقْتِصَارُ فِي قَطْعِ يَدِ السَّارِقِ عَلَى قَطْعِهِ مِنَ الْكُوعِ، لِمَا فِيهِ مِنْ مُخَالَفَةِ الظَّاهِرِ.
قُلْنَا: وَإِنْ لَزِمَ مِنْهُ مُخَالَفَةُ الظَّاهِرِ إِلَّا أَنَّهُ أَوْلَى مِنَ الْقَوْلِ بِالْإِجْمَالِ فِي كَلَامِ الشَّارِعِ، فَكَانَ إِدْرَاجُ مَا نَحْنُ فِيهِ تَحْتَ الْأَغْلَبِ أَغْلَبَ.
الثَّانِي: أَنَّ الْقَوْلَ بِالْإِجْمَالِ مِمَّا يُفْضِي إِلَى تَعْطِيلِ اللَّفْظِ عَنِ الْعَمَلِ فِي الْحَالِ، إِلَى حِينِ قِيَامِ الدَّلِيلِ الْمُرَجِّحِ، وَلَا كَذَلِكَ فِي الْحَمْلِ عَلَى الْمَجَازِ: فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يَظْهَرْ دَلِيلُ التَّجَوُّزِ عُمِلَ بِاللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ، وَإِنْ ظَهَرَ عُمِلَ بِهِ فِي مَجَازِهِ، مِنْ غَيْرِ تَعْطِيلِ اللَّفْظِ فِي الْحَالِ وَلَا فِي ثَانِي الْحَالِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute