للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ الْإِسْحَاتُ بِالْعَذَابِ مِمَّا يَتَرَاخَى عَنِ الِافْتِرَاءِ بِالْكَذِبِ، وَكَذَلِكَ الرَّهْنُ مِمَّا يَتَرَاخَى عَنِ الْمُدَايَنَةِ، غَيْرَ أَنَّهُ يَجِبُ تَأْوِيلُهُ بِأَنَّ حُكْمَ الِافْتِرَاءِ الْإِسْحَاتُ، وَحُكْمَ الْمُدَايَنَةِ الرَّهْنِيَّةُ ; لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ مُوَافَقَةِ النَّقْلِ.

وَقَدْ تَرِدُ " الْفَاءُ " مَوْرِدَ " الْوَاوِ " كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:

(

بِسِقْطِ اللَّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ

) .

وَأَمَّا (ثُمَّ) فَإِنَّهَا تُوجِبُ الثَّانِيَ بَعْدَ الْأَوَّلِ بِمُهْلَةٍ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} وَإِنْ كَانَ الِاهْتِدَاءُ يَتَرَاخَى عَنِ التَّوْبَةِ وَالْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى دَوَامِ الِاهْتِدَاءِ وَثَبَاتِهِ ضَرُورَةَ مُوَافَقَةِ النَّقْلِ.

وَقِيلَ: إِنَّهَا قَدْ تَرِدُ بِمَعْنَى (الْوَاوِ) كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ} لِاسْتِحَالَةِ كَوْنِهِ شَاهِدًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ شَاهِدًا.

وَأَمَّا (حَتَّى) فَمُوجِبَةٌ لِكَوْنِ الْمَعْطُوفِ جُزْءًا مِنَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ نَحْوُ قَوْلِكَ: مَاتَ النَّاسُ حَتَّى الْأَنْبِيَاءُ، وَقَدِمَ الْحَاجُّ حَتَّى الْمُشَاةُ. فَالْأَوَّلُ أَفْضَلُهُ وَالثَّانِي دُونَهُ.

وَثَلَاثَةٌ مِنْهَا تَشْتَرِكُ فِي تَعْلِيقِ الْحُكْمِ بِأَحَدِ الْمَذْكُورِينَ وَهِيَ: أَوْ، وَإِمَّا، وَأَمْ.

إِلَّا أَنْ (أَوْ) وَ (إِمَّا) يَقَعَانِ فِي الْخَبَرِ وَالْأَمْرِ وَالِاسْتِفْهَامِ، وَ (أَمْ) لَا تَقَعُ إِلَّا فِي الِاسْتِفْهَامِ، غَيْرَ أَنَّ (أَوْ) وَ (إِمَّا) فِي الْخَبَرِ لِلشَّكِّ، تَقُولُ: جَاءَ زَيْدٌ أَوْ عَمْرٌو، وَجَاءَ إِمَّا زَيْدٌ وَإِمَّا عَمْرٌو، وَفِي الْأَمْرِ لِلتَّخْيِيرِ تَقُولُ: اضْرِبْ زَيْدًا أَوْ عَمْرًا، وَاضْرِبْ إِمَّا زَيْدًا وَإِمَّا عَمْرًا. وَلِلْإِبَاحَةِ تَقُولُ: جَالِسِ الْحَسَنَ أَوِ ابْنَ سِيرِينَ. وَ (أَوْ) فِي الِاسْتِفْهَامِ مَعَ الشَّكِّ فِي وُجُودِ الْأَمْرَيْنِ، وَ (أَمْ) مَعَ الْعِلْمِ بِأَحَدِهِمَا وَالشَّكِّ فِي تَعْيِينِهِ.

وَثَلَاثَةٌ مِنْهَا تَشْتَرِكُ فِي أَنَّ الْمَعْطُوفَ مُخَالِفٌ لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فِي حُكْمِهِ وَهِيَ: لَا، وَبَلْ، وَلَكِنْ. تَقُولُ: جَاءَنِي زَيْدٌ لَا عُمَرُ بَلْ عُمَرُ، وَمَا جَاءَنِي زَيْدٌ لَكِنْ عَمْرٌو. وَمِنْهَا حُرُوفُ النَّفْيِ وَهِيَ: مَا، وَلَا، وَلَمْ، وَلَمَّا، وَلَنْ، وَإِنْ بِالتَّخْفِيفِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>