اللَّيْلِ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ الصَّوْمُ بَعْدَ ذَلِكَ لَصَارَتِ الْغَايَةُ وَسَطًا وَهُوَ مُحَالٌ.
وَلِهَذَا فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ الْقَائِلُ لِعَبْدِهِ: " لَا تُعْطِ زَيْدًا دِرْهَمًا حَتَّى يَقُومَ، وَاضْرِبْ عَمْرًا حَتَّى يَتُوبَ " فَإِنَّهُ لَا يَحْسُنُ الِاسْتِفْهَامُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَنْ يُقَالَ: " فَهَلْ أُعْطِيهِ إِذَا قَامَ؟ ، وَهَلْ أَضْرِبُهُ إِذَا تَابَ؟ " وَلَوْلَا أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْغَايَةِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحُكْمِ بَعْدَهَا لَمَا كَانَ كَذَلِكَ.
قُلْنَا لَا نُنْكِرُ أَنَّ (حَتَّى) وَ (إِلَى) لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ وَأَنَّهَا جَارِيَةٌ مَجْرَى قَوْلِهِ: " «صُومُوا صِيَامًا آخِرُهُ اللَّيْلُ» " غَيْرَ أَنَّ الْخِلَافَ إِنَّمَا هُوَ فِي أَنَّ تَقْيِيدَ الْحُكْمِ بِالْغَايَةِ هَلْ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ فِيمَا بَعْدَ الْغَايَةِ، وَذَلِكَ غَيْرُ لَازِمٍ مِنَ التَّقْيِيدِ بِالْغَايَةِ، بَلْ غَايَتُهُ أَنَّ دَلَالَةَ التَّقْيِيدِ بِالْغَايَةِ عَلَى أَنَّ مَا بَعْدَهَا غَيْرُ مُتَعَرَّضٍ فِيهِ بِالْخِطَابِ الْأَوَّلِ لَا بِنَفْيٍ وَلَا إِثْبَاتٍ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ صَوْمٍ بَعْدَ الْغَايَةِ أَنْ تَصِيرَ الْغَايَةُ وَسَطًا، بَلْ هِيَ غَايَةٌ لِلصَّوْمِ الْمَأْمُورِ بِهِ أَوَّلًا، وَإِنَّمَا تَصِيرُ وَسَطًا أَنْ لَوْ كَانَ الصَّوْمُ فِيمَا بَعْدَ الْغَايَةِ مُسْتَنِدًا إِلَى الْخِطَابِ الَّذِي قَبْلَ الْغَايَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
وَأَمَّا أَنَّهُ لَا يَحْسُنُ الِاسْتِفْهَامُ عِنْدَ قَوْلِهِ: " لَا تُعْطِ زَيْدًا دِرْهَمًا حَتَّى يَقُومَ، وَاضْرِبْ عَمْرًا حَتَّى يَتُوبَ " لِأَنَّ مَا بَعْدَ الْغَايَةِ مَسْكُوتٌ عَنْهُ غَيْرُ مُتَعَرَّضٍ لَهُ بِنَفْيٍ وَلَا إِثْبَاتٍ فَلَا يَحْسُنُ الِاسْتِفْهَامُ فِيمَا لَا دَلَالَةَ لِلَّفْظِ عَلَيْهِ كَمَا قَبْلَ الْأَمْرِ بِالْإِعْطَاءِ وَالضَّرْبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute