وَلِلْمُخَالِفِينَ خَمْسُ شُبَهٍ:
الشُّبْهَةُ الْأُولَى: أَنَّ الْمُكَلَّفَ مُتَصَرِّفٌ بِالْإِذْنِ مِنَ الشَّارِعِ، فَلَزِمَ رَفْعُهُ بِرَفْعِ الشَّرْعِ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَ الْمُكَلَّفُ بِالرَّفْعِ، كَمَا لَوْ عَزَلَ الْمُوَكِّلُ الْوَكِيلَ عَنِ التَّصَرُّفِ فَإِنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ تَصَرُّفُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِعَزْلِهِ.
الثَّانِيَةُ: أَنَّ النَّسْخَ إِسْقَاطٌ حَتَّى لَا يُعْتَبَرَ فِيهِ رِضَا مَنْ يَسْقُطُ عَنْهُ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ عِلْمُهُ، كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْإِبْرَاءِ.
الثَّالِثَةُ: أَنَّ النَّسْخَ إِبَاحَةُ تَرْكِ الْفِعْلِ بَعْدَ إِيجَابِهِ أَوْ إِبَاحَةُ فِعْلِهِ بَعْدَ حَظْرِهِ، فَلَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى عِلْمِ مَنْ أُبِيحَ لَهُ كَمَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: " إِنْ خَرَجْتِ بِغَيْرِ إِذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ " ثُمَّ أَذِنَ لَهَا مِنْ حَيْثُ لَا تَعْلَمُ، فَإِنَّهُ يَثْبُتُ حُكْمُ الْإِبَاحَةِ فِي حَقِّ الزَّوْجَةِ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِخُرُوجِهَا.
الرَّابِعَةُ: أَنَّ نَسْخَ الْحُكْمِ إِبَاحَةُ تَرْكِ الْمَنْسُوخِ الَّذِي هُوَ حَقُّ الشَّارِعِ فَوَجَبَ أَنْ يَثْبُتَ قَبْلَ عِلْمِ الْمُبَاحِ لَهُ كَمَا لَوْ قَالَ الْقَائِلُ: " أَبَحْتُ ثَمَرَةَ بُسْتَانِي لِكُلِّ مَنْ دَخَلَهُ " فَإِنَّهُ يُبَاحُ لِكُلِّ دَاخِلٍ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ.
الْخَامِسَةُ: أَنَّ رَفْعَ الْحُكْمِ يَتَحَقَّقُ بَعْدَ عِلْمِ الْمُكَلَّفِ بِالنَّسْخِ، فَرَفْعُهُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِعِلْمِهِ أَوْ بِالنَّسْخِ، وَالْعِلْمُ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِي الرَّفْعِ فَكَانَ الرَّفْعُ بِالنَّسْخِ، وَلَزِمَ رَفْعُهُ عِنْدَ تَحَقُّقِ النَّسْخِ.
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأُولَى: بِمَنْعِ عَزْلِ الْوَكِيلِ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْعَزْلِ.
وَعَنِ الثَّانِيَةِ: لِمَ قَالُوا بِأَنَّ النَّسْخَ إِذَا لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى رِضَا الْمَنْسُوخِ عَنْهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عِلْمِهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ الْعِلْمِ فِي صُورَةِ الِاسْتِشْهَادِ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ فِي النَّسْخِ، فَإِنَّهُ لَا مَانِعَ أَنْ يَكُونَ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْعِلْمِ ثَمَّ لِعَدَمِ تَضَمُّنِهِ رَفْعَ حُكْمِ خِطَابٍ سَابِقٍ، بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَكَانَ الْعِلْمُ مُشْتَرَطًا فِيهِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ.
وَعَنِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ: بِمَنْعِ الْحُكْمِ فِيمَا ذَكَرُوهُ مَنْ صُوَرِ الِاسْتِشْهَادِ.
وَعَنِ الْخَامِسَةِ: أَنَّ رَفْعَ الْحُكْمِ بِالنَّسْخِ مَشْرُوطٌ بِالْعِلْمِ، وَلَا تَحَقُّقَ لِلْمَشْرُوطِ دُونَ شَرْطِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute