للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهِيَ زَائِدَةٌ عَلَى نَفْسِ التَّسْوِيَةِ فِي مَفْهُومِ الْحُكْمِ، فَذِكْرُهَا ثَانِيًا لَا يَكُونُ تَكْرَارًا.

وَعَنِ الثَّانِي، وَإِنْ كَانَ هُوَ أَقْوَى الْإِشْكَالَاتِ الْوَارِدَةِ هَاهُنَا - أَنْ يُقَالَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: (حَمْلُ مَعْلُومٍ عَلَى مَعْلُومٍ فِي إِثْبَاتِ حُكْمٍ لَهُمَا أَوْ نَفْيِهِ عَنْهُمَا) مُشْعِرٌ بِإِثْبَاتِ حُكْمِ الْأَصْلِ بِالْقِيَاسِ حَتَّى يَلْزَمَ مِنْهُ الدَّوْرُ ; لِأَنَّ الْقِيَاسَ عَلَى مَا عُلِمَ مُرَكَّبٌ مِنَ الْأَصْلِ، وَالْفَرْعِ، وَحُكْمِ الْأَصْلِ، وَالْوَصْفِ الْجَامِعِ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ، وَالْحَكْمُ فِي الْأَصْلِ غَيْرُ مُسْتَنِدٍ فِي ثُبُوتِهِ وَلَا نَفْيِهِ إِلَى مَجْمُوعِ هَذِهِ الْأُمُورِ ; إِذْ هُوَ غَيْرُ مُتَوَقِّفٍ عَلَى الْفَرْعِ وَلَا عَلَى نَفْيِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ مُتَوَقِّفٌ فِي ثُبُوتِهِ عَلَى الْوَصْفِ الْجَامِعِ، وَهُوَ الْعِلَّةُ حَيْثُ إِنَّ الشَّرْعَ لَمْ يُثْبِتِ الْحُكْمَ فِي الْأَصْلِ إِلَّا بِنَاءً عَلَيْهِ، وَلِهَذَا قَالَ الْحَادُّ فِي هَذِهِ: (فِي إِثْبَاتِ حُكْمٍ لَهُمَا أَوْ نَفْيِهِ عَنْهُمَا بِأَمْرٍ جَامِعٍ بَيْنَهُمَا) وَالْوَصْفُ الْجَامِعُ رُكْنُ الْقِيَاسِ، وَلَيْسَ هُوَ نَفْسَ الْقِيَاسِ، فَلَا يَكُونُ ثُبُوتُ الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ وَلَا نَفْيُهُ بِالْقِيَاسِ بَلْ بِالْعِلَّةِ، وَلَيْسَتْ هِيَ نَفْسَ الْقِيَاسِ وَإِنَّمَا الثَّابِتُ وَالْمَنْفِيُّ بِالْقِيَاسِ إِنَّمَا هُوَ حُكْمُ الْفَرْعِ لَا غَيْرَ. (١) وَعَنِ الثَّالِثِ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى تَصَوُّرِ الْقِيَاسِ فِي غَيْرِ الشَّرْعِيَّاتِ، وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ (٢) وَمَا ذَكَرُوهُ مِنَ الْمِثَالِ فَقَدْ أَبْطَلْنَا صِحَّةَ الْقِيَاسِ فِيهِ فِي " أَبْكَارِ الْأَفْكَارِ ". الثَّانِي وَإِنْ سَلَّمْنَا تَصَوُّرَ الْقِيَاسِ فِي غَيْرِ الشَّرْعِيَّاتِ، غَيْرَ أَنَّ الْكَلَامَ إِنَّمَا وَقَعَ فِي تَحْدِيدِ الْقِيَاسِ الشَّرْعِيِّ فِي مُصْطَلَحِ أَهْلِ الشَّرْعِ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِيمَا كَانَ حُكْمُ الْأَصْلِ فِيهِ شَرْعِيًّا وَالصِّفَةُ لَيْسَتْ حُكْمًا شَرْعِيًّا، فَلَا


(١) إِنَّمَا الْأُولَى زَائِدَةٌ، وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ: وَالثَّابِتُ وَالْمَنْفِيُّ بِالْقِيَاسِ إِنَّمَا هُوَ حُكْمُ الْفَرْعِ لَا غَيْرُ
(٢) قِيَاسُ التَّعْلِيلِ وَالتَّمْثِيلِ كَمَا يَجْرِي فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ يَجْرِي فِي طَبَائِعِ الْأَشْيَاءِ وَخَوَاصِّهَا، وَفِي الْعَقْلِيَّاتِ صِفَاتٍ وَأَفْعَالًا بَعْدَ مَعْرِفَةِ الْعِلَّةِ، انْظُرِ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي ص ٣٦٦ مِنْ مُسَوَّدَةِ آلِ تَيْمِيَّةَ، وَاللُّمَعِ لِأَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ، وَرَوْضَةِ النَّاظِرِ لِابْنِ قُدَامَةَ، وَالْكَوْكَبِ الْمُنِيرِ لِلْفُتُوحِيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>