الْأَوَّلُ: أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ صِفَةً وُجُودِيَّةً لَكَانَتْ عَرَضًا، وَالصِّفَاتُ الْمُعَلَّلُ بِهَا أَعْرَاضٌ، وَالْعَرَضُ لَا يَقُومُ بِالْعَرَضِ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي (أَبْكَارِ الْأَفْكَارِ) وَغَيْرِهِ.
الثَّانِي: أَنَّهَا صِفَةٌ إِضَافِيَّةٌ، وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنَ الصِّفَةِ الْإِضَافِيَّةِ غَيْرُ وُجُودِيٍّ، وَمَا ذَكَرُوهُ مِنَ الْمُحَالِ إِنَّمَا يَلْزَمُ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهَا صِفَةً وُجُودِيَّةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
غَيْرَ أَنَّ هَذَيْنِ الْجَوَابَيْنِ يُنَاقِضَانِ مَا ذُكِرَ مِنَ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فِي امْتِنَاعِ التَّعْلِيلِ بِالْعَدَمِ.
الثَّالِثُ: أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ مُنْتَقَضٌ بِكَوْنِ الْقَوْلِ الْمَخْصُوصِ خَبَرًا أَوِ اسْتِخْبَارًا أَوْ وَعْدًا أَوْ وَعِيدًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، مَعَ تَعَدُّدِ أَلْفَاظِهِ وَحُرُوفِهِ فَإِنَّ كُلَّ مَا ذَكَرُوهُ مِنَ الْأَقْسَامِ بِعَيْنِهِ مُتَحَقِّقٌ فِيهِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَمْتَنِعْ وَصْفُهُ بِمَا وُصِفَ بِهِ، فَمَا هُوَ الْجَوَابُ هَاهُنَا يَكُونُ جَوَابًا فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ.
وَعَنِ الثَّانِيَةِ: أَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى كَوْنِ عَدَمِ الْأَوْصَافِ عِلَّةً لِعَدَمِ الْعِلِّيَّةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِوَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ الْعَدَمَ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً لِمَا تَقَدَّمَ.
الثَّانِي: أَنَّ وُجُودَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَوْصَافِ شَرْطٌ فِي تَحَقُّقِ الْعِلِّيَّةِ، فَانْتِفَاءُ الْعِلِّيَّةِ عِنْدَ انْتِفَاءِ بَعْضِ الْأَوْصَافِ أَوْ كُلِّهَا إِنَّمَا هُوَ لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ لَا لِعِلَّةِ عَدَمِ الْعِلِّيَّةِ.
وَعَنِ الثَّالِثَةِ: أَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَوْصَافِ مُنَاسِبًا لِلْحُكْمِ مُنَاسَبَةَ اسْتِقْلَالٍ، فَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ تَكُونَ مُنَاسَبَةُ الِاسْتِقْلَالِ نَاشِئَةً أَوْ مُلَازِمَةً لِلْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ مِنَ الْأَوْصَافِ، كَمَا فِي الْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى وُجُوبِ الْقِصَاصِ وَنَحْوِهِ.
وَعَنِ الرَّابِعَةِ: أَنَّ الْمُتَجَدِّدَ وَالْمُسْتَلْزِمَ لِلْعَلِيَّةِ إِنَّمَا هُوَ الِانْضِمَامُ الْحَادِثُ بِالْفَاعِلِ الْمُخْتَارِ، فَلَا تَسَلْسُلٌ ثُمَّ يَلْزَمُ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ تَجَدُّدُ الْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ مِنَ الْأَوْصَافِ الْمُتَعَدِّدَةِ، فَإِنَّهَا غَيْرُ مُتَحَقِّقَةٍ فِي كُلِّ وَاحِدٍ وَاحِدٍ مِنَ الْأَوْصَافِ مَعَ لُزُومِ مَا ذَكَرُوهُ، فَمَا هُوَ الْجَوَابُ عَنْ تَجَدُّدِ الْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ يَكُونُ جَوَابًا عَنْ تَجَدُّدِ صِفَةِ الْعِلِّيَّةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute