للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَتَعْلِيلِ انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِالْخَارِجِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ مَأْخُوذًا (١) مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " «الْوُضُوءُ مِمَّا خَرَجَ» " (٢) ، فَإِنَّهُ إِذَا تَخَلَّفَ عَنْهُ الْوُضُوءُ فِي الْحِجَامَةِ أَمْكَنَ أَخْذُ قَيْدِ الْخَارِجِ مِنَ السَّبِيلَيْنِ فِي الْعِلَّةِ، وَتَأْوِيلُ النَّصِّ بِصَرْفِهِ عَنْ عُمُومِ الْخَارِجِ النَّجِسِ إِلَى الْخَارِجِ مِنَ الْمَخْرَجِ الْمُعْتَادِ أَوْ حَمْلُهُ عَلَى حُكْمٍ آخَرَ غَيْرِ الْحُكْمِ الْمُصَرَّحِ بِهِ فِي النَّصِّ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ (٣) تَعَالَى: {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ} مُعَلَّلًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} فَإِنَّ الْحُكْمَ الْمُعَلَّلَ الْمُصَرَّحَ بِهِ إِنَّمَا هُوَ خَرَابُ الْبَيْتِ، وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ شَاقَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُخَرِّبُ بَيْتَهُ فَأَمْكَنَ حَمْلُ الْخَرَابِ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْخَرَابِ وُجِدَ الْخَرَابُ أَوْ لَمْ يُوجَدْ، أَوْ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ ذَلِكَ فَإِنْ أَمْكَنَ تَأْوِيلُ النَّصِّ بِالْحَمْلِ عَلَى مَعْنًى خَاصٍّ أَوْ حُكْمٍ آخَرَ خَاصٍّ وَجَبَ التَّأْوِيلُ لِمَا فِيهِ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ دَلِيلِ التَّعْلِيلِ بِتَأْوِيلِهِ وَدَلِيلِ إِبْطَالِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَأْوِيلُهُ بِغَيْرِ الْوَصْفِ الْمَذْكُورِ وَالْحُكْمِ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهِ فَغَايَتُهُ امْتِنَاعُ إِثْبَاتِ حُكْمِ الْعِلِّيَّةِ لِمَا عَارَضَهَا مِنَ النَّصِّ النَّافِي لِحُكْمِهَا. وَالْعِلَّةُ الْمَنْصُوصَةُ فِي مَعْنَى النَّصِّ وَتَخَلُّفُ حُكْمِ النَّصِّ عَنْهُ فِي صُوَرِهِ (٤) لِمَا عَارَضَهُ - لَا يُوجِبُ إِبْطَالَ الْعَمَلِ بِهِ فِي غَيْرِ صُورَةِ الْمُعَارَضَةِ، فَكَذَلِكَ الْعِلَّةُ الْمَنْصُوصَةُ.

وَأَمَّا إِنْ كَانَتِ الْعِلَّةُ مُسْتَنْبَطَةً فَتَخَلُّفُ الْحُكْمِ عَنْهَا إِمَّا أَنْ يَكُونَ لِمَانِعٍ أَوْ فَوَاتِ شَرْطٍ أَوْ لَا يَكُونَ.

فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ: وَذَلِكَ كَمَا فِي إِيجَابِ الْقِصَاصِ عَلَى الْقَاتِلِ بِالْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ، وَتَخَلُّفِ الْحُكْمِ عَنْهُ فِي الْأَبِ وَالسَّيِّدِ بِمَانِعِ الْأُبُوَّةِ وَالسِّيَادَةِ، فَلَا يَكُونُ


(١) كَتَعْلِيلِ انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِالْخَارِجِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ مَأْخُوذًا إِلَخْ، فِيهِ سَقْطٌ، وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ: كَتَعْلِيلِ انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِالْخَارِجِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ بِالْخَارِجِ النَّجِسِ مَأْخُوذًا، وَبِالْخَارِجِ الْأَوَّلِ مُتَعَلِّقٌ بِانْتِقَاضٍ، وَالثَّانِي مُتَعَلِّقٌ بِتَعْلِيلٍ، وَسَيَأْتِي لِلْمُؤَلِّفِ مِثْلُ هَذَا فِي الْمَسْأَلَةِ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ مِنْ مَسَائِلِ شُرُوطِ الْعِلَّةِ.
(٢) رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ " الْوُضُوءُ مِمَّا يَخْرُجُ وَلَيْسَ مِمَّا يَدْخُلُ " وَفِي إِسْنَادِهِ الْفَضْلُ بْنُ الْمُخْتَارِ وَشُعْبَةُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَكِلَاهُمَا ضَعِيفٌ، انْظُرْ تَلْخِيصَ الْحَبِيرِ
(٣) وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالصَّوَابُ وَذَلِكَ كَقَوْلِهِ
(٤) فِي صُوَرِهِ: الصَّوَابُ فِي صُورَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>