للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَلَى هَذَا فَلَا يَلْزَمُ مِنِ النَّفْيِ الْقَدْحُ فِي الْمُعَارِضِ وَلَا فِي الْعِلَّةِ.

وَعَنِ الثَّالِثَةِ: لَا نُسَلِّمُ الْمُنَافَاةَ بَيْنَ اقْتِضَاءِ الْمُقْتَضِي وَاقْتِضَاءِ الْمَانِعِ، وَلَا اسْتِحَالَةَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَإِنِ اسْتَحَالَ الْجَمْعُ بَيْنَ حُكْمِهِمَا.

وَعَلَى هَذَا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَحَقُّقِ الْمَانِعِ خُرُوجُ الْمُقْتَضِي عَنْ جِهَةِ اقْتِضَائِهِ لَا بِذَاتِهِ وَلَا بِغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْمُتَنَافِيَاتِ بِالذَّاتِ.

وَعَنِ الرَّابِعَةِ: أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ وُجُودُ الْوَصْفِ مَعَ الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ لَا يُوجِبُ الْقَطْعَ بِكَوْنِهِ عِلَّةً لَكِنَّهُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ كَوْنُهُ عِلَّةً، وَوُجُودُهُ مَعَ عَدَمِ الْحُكْمِ فِي صُورَةِ النَّقْصِ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَقْتَضِي الْقَطْعَ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِعِلَّةٍ لِذَلِكَ الْحُكْمِ، بَلِ الظَّنُّ بِالْعِلِّيَّةِ بَاقٍ بِحَالِهِ وَانْتِفَاءُ الْحُكْمِ إِنَّمَا كَانَ لِوُجُودِ الْمُعَارِضِ النَّافِي لِلْحُكْمِ عَلَى مَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ قَاعِدَةِ الْقَائِلِينَ بِتَخْصِيصِ الْعِلَّةِ.

وَعَنِ الْخَامِسَةِ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ اطِّرَادَ الْعِلَّةِ طَرِيقٌ إِلَى صِحَّتِهَا كَمَا يَأْتِي مُفَصَّلًا مِنْ كَوْنِهِ (١) لَا طَرِيقَ سِوَاهُ.

وَعَنِ السَّادِسَةِ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْعِلَّةَ الْعَقْلِيَّةَ يَمْتَنِعُ تَخَلُّفُ الْحُكْمِ عَنْهَا، بَلْ ذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَ فَوَاتِ الْقَابِلِ لِحُكْمِهَا كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي الْكَلَامِيَاتِ. وَإِنْ سَلَّمْنَا امْتِنَاعَ تَخَلُّفِ حُكْمِهِا عَنْهَا فَلَيْسَ ذَلِكَ لِدَلَالَةِ الدَّلِيلِ عَلَى تَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِهَا وَلَا لِكَوْنِهَا عِلَّةً، بَلْ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ بِكَوْنِهَا مُقْتَضِيَةً لِلْحُكْمِ لِذَاتِهَا، وَذَلِكَ غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ فِي الْعِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مُقْتَضِيَةً لِلْحُكْمِ لِذَاتِهَا وَإِنَّمَا هِيَ عِلَّةٌ بِوَضْعِ الشَّارِعِ لَهَا أَمَارَةً عَلَى الْحُكْمِ فِي الْفَرْعِ.

وَعَنِ السَّابِعَةِ: أَنَّهُ لَيْسَتِ الْعِلَّةُ فِي امْتِنَاعِ الِافْتِرَاقِ فِي الدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ الْمُتَعَلِّقِ بِمَدْلُولَيْنِ، وَامْتِنَاعِ الِافْتِرَاقِ فِي الْإِدْرَاكِ الْمُتَعَلِّقِ بِمُدْرَكَيْنَ كَوْنُهُ طَرِيقًا لَا دَلِيلًا، بَلْ لِكَوْنِ الدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ مُوجِبًا لِذَاتِهِ وَلِكَوْنِ الْإِدْرَاكِ مِمَّا يَجِبُ الْعِلْمُ بِالْمُدْرَكِ عِنْدَهُ عَادَةً (٢) بِخِلَافِ الْعِلَلِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى مَا سَبَقَ.


(١) مُفَصَّلًا مِنْ كَوْنِهِ - هَكَذَا فِي الْمَطْبُوعَةِ وَالْمَخْطُوطَةِ وَالصَّوَابُ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ إِلَخْ
(٢) جَرَى فِي التَّعْبِيرِ بِلَفْظِ عِنْدَهُ عَادَةً عَلَى طَرِيقَةِ الْأَشْعَرِيَّةِ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: الْمُسَبِّبَاتُ تُوجَدُ عِنْدَ وُجُودِ الْأَسْبَابِ لَا بِهَا، وَالنَّتَائِجُ تُوجَدُ عِنْدَ وُجُودِ الْأَدِلَّةِ لَا بِهَا، وَمَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ أَنَّهَا تُوجَدُ بِهَا لَكِنْ لَا بِذَاتِهَا بَلْ يَجْعَلُ اللَّهُ لَهَا أَسْبَابًا لِمُسَبِّبَاتِهَا وَدَلَائِلَ عَلَى نَتَائِجِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>